للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المفردات:]

لا يَجْزِي: لا يغنى فيه أحد عن أحد فَلا تَغُرَّنَّكُمُ: فلا تخدعنكم الْغَرُورُ: هو الشيطان، وقيل: هو تمكينهم مع المعصية من المغفرة.

لما ذكر- سبحانه- من أول السورة إلى هنا ما يثبت لله الوحدانية، وينفى عنه الشريك مع إثبات البعث في القيامة للحساب، وهذا ما يغرس في النفوس التقوى والخوف والإيمان، نادى الناس إلى التقوى والخوف من الله ومن حسابه في يوم القيامة، وكان ختاما رائعا دقيقا لتلك السورة.

[المعنى:]

يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم فسواكم وعدلكم، وخلق لكم كل ما في السموات والأرض، وسخر لكم هذا الكون، اتقوه حق تقواه، وخذوا لأنفسكم الوقاية من عذابه الشديد، واخشوا يوما شديدا هوله، لا يقضى فيه إنسان عن إنسان ولا يغنى فيه والد عن ولده، ولا مولود هو نافع والده شيئا، بل كل نفس بما كسبت رهينة، ولا تزر وازرة وزر أخرى، وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، واعلموا أن وعد الله- البعث- حق لا شك فيه ولا مرية، فلا تخدعنكم الدنيا بزخارفها وزينتها فتركنوا إليها وتتركوا العمل للآخرة، والآخرة خير وأبقى، ولا يغرنكم بالله الغرور من الشيطان الذي أقسم ليغوينكم أجمعين، فهو يعد الناس ويمنيهم، وما يعدهم الشيطان إلا غرورا، وقيل: الغرور هو الأمور الباطلة التي تخدع كثيرا من الناس كمن يغتر بشفاعة شافع أو انتسابه إلى أمة النبي صلّى الله عليه وسلّم مثلا، وهذا داء قديم كان عند أهل الكتاب وعالجه القرآن بقوله: لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً «١» ، وعن سعيد بن جبير رضى الله عنه: الغرور بالله: أن يتمادى الرجل في المعصية ويتمنى على الله المغفرة.

وفي قوله تعالى: لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ

عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث لم تمسّه النار إلّا تحلّة القسم»

وقال: «من ابتلى بشيء من


(١) - سورة النساء آية ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>