للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المفردات:]

الصَّافِناتُ القائمات، أو الصافن من الخيل: الذي يرفع إحدى رجليه ويقف على مقدم حافرها الْجِيادُ: جمع جواد، وهو الذي يجود في سيره، أى: يسرع مع الخفة تَوارَتْ: اختفت وغابت بِالْحِجابِ: بالحاجز وقيل: بالليل بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ أى: بسيقانها وأعناقها رُخاءً لينة مع قوتها وشدتها.

أَصابَ: أراد الْأَصْفادِ: جمع صفد، وهو القيد.

[المعنى:]

ذكر بعض المفسرين في تفسير هذه الآية أن سليمان عرض عليه خيل جياد في وقت العصر فألهاه ذلك عن صلاة العصر فغضب، وطلب من الله أن يرد عليه الشمس بعد غروبها ليصلى العصر فردت إليه، ثم غضب على الخيل التي كانت سببا في فوات الصلاة فقطع أعناقها وسوقها، والضمير في قوله: (حتى توارت بالحجاب) للشمس، ثم قالوا في قوله تعالى: «أحببت حب الخير عن ذكر ربي» إنه أحب هذه الخيل معرضا عن ذكر ربه، وهو الصلاة.

وهذا تأويل فاسد، يدل على فساده بداهة أسلوب القرآن، ومكان القصة هنا، وسياق الآيات.

إن هذه القصص إنما ذكرها الله- تعالى- بعد قول المشركين: رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ وقد بلغوا مبلغا من السفاهة عظيما، حتى قال الله للنبي:

اصبر على ما يقولون. واذكر عبدنا داود، ثم ذكر بعد ذلك قصة سليمان وهذا الوضع والسياق يفيد أن القصص سيقت لبيان جلائل الأعمال، وفضائل الخلال التي قام بها هؤلاء الأنبياء وأصحابهم، وعلى هذا فداود وسليمان ليس من الحق أن نفهم فيهما أنهما أتيا أعمالا تتنافى مع مركز النبوة وشرف الرسالة، وخاصة بعد قول الله لمحمد صلّى الله عليه وسلّم:

اصبر واذكر داود وسليمان، أى: تأس بهؤلاء، وعلى هذا فيمكن أن نلخص ما يمكن فهمه من هذه الآيات بما يأتى: أن الله وهب لداود سليمان وكان نبيا من المرسلين، وهو نعم العبد الصالح، إنه أواب ومطيع، واذكر وقت أن عرض عليه بالعشي الخيل المطهمة، والصافنات الجياد، ويمكن أن نقول: إن رباط الخيل كان مندوبا إليه في

<<  <  ج: ص:  >  >>