للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أغلب الناس يتخبطون في ظلمات المعاصي، ولكن فتح باب التوبة يسد على إبليس كثيرا من النوافذ، وقد تكون توبة العاصي عند الله أحسن من عبادة العابد، والذي يرجع عن السوء، وينخرط في سلك التوابين قد يكون عند الله من المقربين، لأنه يعمل عن عقيدة عملا صادرا من نفس أدركت خطر المعاصي ولذة الطاعات.

الله- سبحانه وتعالى- ينهانا عن اليأس ويفتح أمامنا باب الأمل، ويأمرنا بقوله:

وأنيبوا إلى ربكم الذي رباكم وتعهدكم وأنتم ضعاف حتى قوى ساعدكم، وأسلموا له واخضعوا لحكمه وامتثلوا أمره، وبادروا إلى ذلك بسرعة من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة ساعة الموت وطلوع الروح ثم لا تنصرون، ومن ينصركم من الله ويمنعكم منه؟

وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ الآية إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ.. [سورة النساء الآيتان ١٧، ١٨] .

واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم، والله- سبحانه- أنزل على الأنبياء كتبا كالتوراة والإنجيل، وأحسنها وأوفاها وأكملها هو القرآن لأن ما تقدمه كان تهيئة لنزوله وإعدادا لقبوله، والله أعلم بأسرار كتابه، وقيل غير ذلك، وسارعوا إلى ربكم، وأسرعوا في امتثال أمره واجتناب نهيه وأنتم الآن في فسحة من العمل من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة، وأنتم لا تشعرون به، اتبعوه كراهة أن تقول نفس يوم الحساب:

يا حسرتى احضرى فهذا أوانك، يا حسرتى على ما فرطت في طاعة الله وأهملت في كل ما يوصلني إلى جواره، ويدخلني جنته، ولات ساعة مندم.

ويا ليتني فرطت في العمل فقط بل كنت من المستهزئين الذين استهزءوا بدين الله، وبمن آمن به، ولعله يخبر بذلك متحسرا على ما قدم.

أو تقول نفس حينما ترى المؤمنين وقد جوزوا على عملهم أحسن الجزاء: لو أن الله هداني لكنت من المتقين كهؤلاء.

أو تقول نفس حين ترى العذاب الذي أعد لها: لو أن لي كرة ورجوعا إلى الدنيا فأعمل صالحا وأكون من المحسنين، كلا إنها كلمة هو قائلها، بلى «١» قد جاءتك آياتي


(١) بلى حرف جواب من الله تعالى لما تضمنه قول القائل: «لو أن الله هداني» من نفى، لأنه لا يجاب بها إلا بعد نفى.

<<  <  ج: ص:  >  >>