للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المعنى:]

انظر إلى هؤلاء المجادلين في آيات الله الواضحة، الموجبة للإيمان والإقرار بالوحدانية والبعث، الزاجرة عن الجدال والتكذيب، انظر إليهم كيف يصرفون عنها؟! هؤلاء المجادلون هم الذين كذبوا بالكتاب المنزل من عند الله، وبكل ما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون عاقبة فعلهم ونهاية تكذيبهم عند مشاهدتهم العقوبة المعدة لهم ولأمثالهم، فسوف يعلمون يوم القيامة وقت «١» أن تكون الأغلال والسلاسل في أعناقهم، والمعنى أنه يكون في أعناقهم الأغلال والسلاسل ثم يسحبون بها في الحميم، أى: في الماء المغلى بنار جهنم، ثم هم في النار فهي محيطة بهم من كل جانب تحرقهم ظاهرا وباطنا نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ [سورة الهمزة الآيتان ٦، ٧] .

ثم قالوا: بل لم نكن ندعوا شيئا، أى: كنا نظن أننا ندعوا من ينفع أو يشفع من دون الله؟! قالوا: ضلوا عنا، وغابوا عن عيوننا فلا نراهم، ولا نستشفع بهم وما أروع التعبير بقوله: ضلوا عنا! ثم قالوا: بل لم نكن ندعوا شيئا، أى: كنا نظن أننا ندعوا من ينفع أو يشفع فتبين لنا أنهم لم يكونوا شيئا، وما كنا نعبد بعبادتهم شيئا، ويصح أن نفهم: أنهم كذبوا وأنكروا أنهم عبدوا غير الله وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ «٢» . مثل ذلك الإضلال يضل الله الكافرين عن طريق الجنة، ويضلهم عن الصراط المستقيم.

ذلكم العذاب الذي أنتم فيه بسبب أنكم كنتم تفرحون بالمعاصي وارتكاب الآثام وإيذاء الرسل الكرام، وتمرحون مرح بطر وأشر.

ادخلوا أبواب جهنم فإن لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم، ادخلوها خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين. إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ «٣» .


(١) - «إذ» هنا أعربت مفعولا به لقوله: (تعلمون) وهي مضافة لجملة (الأغلال في أعناقهم) وبعضهم تخلص من تعارض (سوف) مع (إذ) التي للماضي فقال: إن (إذ) هنا بمعنى (إذا) ظرف ل (يعلمون) وعبر ب (إذ) بدلا من (إذا) للدلالة على تحقق ما بعدها.
(٢) - سورة الأنعام آية ٢٣.
(٣) - سورة غافر آية ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>