للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدنيا العريضة الذين بنوا الأهرام، وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين، وكانت لهم حضارة وعلوم، ومعارف وفنون؟

أفلم يروا إلى ما بين أيديهم من آثارهم التي تدل على مبلغ ما كان عندهم من الجاه وعلى نهاية عصيانهم وتكبرهم على أنبيائهم؟

فما أغنى عنهم كسبهم وجاههم، ولم ينفعهم ما لهم ولا أولادهم، فلما جاءتهم رسلهم بالآيات والمعجزات الواضحات فرحوا بما عندهم من العلم الدنيوي يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا «١» ، وقيل: فرحوا بما عندهم من الخرافات والشبهات الواهية، وقالوا: نحن أولو علم وحضارة فلا حاجة بنا إلى دين أو رسالة، عجبا لهؤلاء وأتباعهم!! وربك لقد رأينا وسمعنا عن بعض الجهلة بأمور دينهم الذين تربوا في أحضان (اللادينية) يقولون: لا حاجة بنا إلى شريعة الغاب بعد أن عرفنا أحدث القوانين وأدق النظم!! يا ويلهم فرحوا بما عندهم من علم، الجهالة خير منه، وحاق بهم ونزل ما كانوا به يستهزئون من العذاب.

وقيل: إن هذا وصف للأنبياء لما كذبوا من أممهم فرحوا بما عندهم من العلم الذي ينبئهم بأن العاقبة لهم وأن الهلاك للمكذبين المجادلين.

فلما رأى هؤلاء المكذبون بأسنا في الدنيا، قالوا: آمنا بالله ربنا، آمنا به وحده وكفرنا بما كنا به مشركين، آمنوا ساعة العذاب، فلم ينفعهم إيمانهم، وتلك سنة الله مع الناس جميعا وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ [سورة النساء آية ١٨] .

وخسر هنالك الكافرون، وضل أولئك المبطلون الكافرون، وتلك سنة الله ولن تجد لسنته تبديلا.

فاحذروا يا أهل مكة، احذروا ثم احذروا..


(١) - سورة الروم آية ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>