للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المعنى:]

هكذا خلق الله الخلق، وجعلهم فريقين، فريق في الجنة وفريق في السعير، فريق اتبع الباطل من نفسه وهواه، وآخر اتبع الحق من ربه ومولاه، فالذين كفروا بالله ورسوله، وأعرضوا عن النور الذي أنزله على رسوله، وصدوا غيرهم عن سبيل الله الذي هو سبيل العدل والكرامة، هؤلاء أضل الله أعمالهم وأبطلها، وجعلها ضائعة لا أثر لها ولا خير فيها.

والمراد بالذين كفروا المطمعون يوم بدر، وهم أبو جهل والحارث بن هشام، وعتبة ابن ربيعة وأخوه شيبة، وأبى بن خلف وأخوه أمية وغيرهم من صناديد المشركين، وكانت لهم أعمال في الخير أضلها الله وأبطلها كسقى الحجاج، وإطعام الطعام وحماية الجار ... إلخ.

والذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا الصالحات من الأعمال، وآمنوا بما أنزل على محمد خاصة وهو القرآن الكريم، وخص بالذكر لما له من مكانة عليا، والحق مقصور عليه لا يتعداه إلى غيره فهو الحق من ربهم، والذين آمنوا وعملوا الصالحات كفر الله عنهم سيئاتهم، وسترها بستار الإيمان وعمل الصالح من الأعمال، وأصلح حالهم في الدين والدنيا بالتوفيق والتأييد حتى جعلهم لا يبالون بشيء بعد إيمانهم بالله.

والإضلال الخاص بالكافرين، والإصلاح الخاص بالمؤمنين، كل ذلك بسبب أن الذين كفروا اتبعوا الباطل الذي لا حق فيه ولا خير، وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم.

مثل ذلك الضرب البديع والتبيان الرائع يبين الله لأجل الناس أحوال الفريقين ونهايتهم، هذه الأحوال والصفات التي تجرى في الغرابة مجرى الأمثال السائرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>