للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخبر بخبرهم قبل أن يقولوه، وقال الله تعالى: يقولون هذا الكلام السابق بألسنتهم فقط ولم يكن لهم عذر، ولم يطلبوا المغفرة حقّا.

بعد ذلك أمر صلّى الله عليه وسلّم أن يقول لهم: فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً من يستطيع لكم إمساك شيء من قدرة الله- تعالى- إن أراد بكم ضرّا أو أراد بكم نفعا؟ لا أحد يقدر على ذلك. وإذا كان الأمر كذلك، فليس الشغل بالأهل والمال عذرا، لأنه لا يدفع ضرّا، ولا لقاء العدو يمنع نفعا أراده الله.

بل الأمر أخطر من هذا، والله بما تعملون أيها المخلفون خبير وبصير وسيجازيكم عليه بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا، وذلك ظنكم الذي ظننتم بربكم! والمعنى: السبب الحقيقي في تخلفكم ليس هو كما تقولون، وإنما هو ظنكم أن محمدا وأصحابه قلة فكيف يحاربون قريشا ومن حولها وكانوا بالأمس يحاربونهم على أبواب المدينة- في غزوة الخندق- وزين ذلك في قلوبكم أيها المتخلفون، والذي زينه هو الشيطان وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ [النمل ٢٤] أو هو الله وزَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ [النمل ٤] وظننتم ظنا سيئا، وكنتم قوما هلكى، لا خير فيكم أبدا.

ومن لم يؤمن بالله ورسوله، فإنا أعتدنا له وهيأنا له نارا وسعيرا لأنه في عددا الكفار ولا عجب فلله ملك السموات والأرض يدبر أمره بحكمة تامة وعلم كامل فيعذب من يشاء ممن يستحق العذاب، ويغفر لمن يشاء ممن يستحق المغفرة، وهو أعلم بخلقه، وكان الله غفورا رحيما.

سيقول الذين خلفهم الله عن الخروج معكم، وأقعدهم عن السير مع رسول الله وصحبه، سيقولون وقت انطلاقكم إلى مغانم- هي مغانم خيبر-: ذرونا نتبعكم ونسير معكم في الغزو، قالوا هذا لأنهم ظنوا أن المسلمين سيغنمون، هؤلاء المتخلفون يريدون بطلبهم هذا أن يبدلوا كلام الله، إذ هو قد وعد من حضر صلح الحديبية وبيعة الرضوان بالمغانم خاصة فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ على من حضر بيعة الرضوان وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها [سورة الفتح الآيتان ١٨، ١٩] .

قل يا محمد لهم: لن تتبعونا في غزو بعد هذا فإنا عرفناكم، مثل ذلك القول الصادر منى أى من النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو لن تتبعونا- قال الله وحكم به، وهو خير الحاكمين، فهو

<<  <  ج: ص:  >  >>