للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه ولم يكن لخيانة منه. كِسْفاً جمع كسفة وهي القطعة من الشيء.

مَرْكُومٌ أى: بعضه فوق بعض. بِأَعْيُنِنا: بعناية منا وفي حفظنا وحراستنا «١» . وَإِدْبارَ النُّجُومِ المراد: وقت إدبارها من آخر الليل، أى: غيبتها بظهور نور الصبح.

[المعنى:]

من الناس من هم في أهلهم مشفقون، ومن عذاب الله خائفون، وهؤلاء ينفع معهم التذكر، والنبي مأمور بأن يذكر بالقرآن من يخاف وعيده.

وإذا كان الأمر كذلك فذكر إنما أنت مذكر، ونبي مرسل، فما أنت بكاهن تبتدع القول وتخبر به من غير وحى، ولست مجنونا لا تعى ما تقول، وهذا رد لقولهم في النبي وبطلان لاعتقادهم فيه أنه كاهن أو مجنون، كما كان يقول عنه عقبة بن أبى معيط، وشيبة بن ربيعة، والمعنى: انتفى عنك الكهانة والجنون بسبب نعمة الله عليك، فأنت بحمد الله ونعمته صادق النبوة راجح العقل سليم المنطق أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ؟ «٢» أيقولون: هو شاعر؟ ننتظر به ريب المنون وحوادث الدهر، فإنهم كانوا يجتمعون ويتشاورون في دعوة محمد وأثرها وخطرها، وتكثر آراؤهم ثم ينتهى المجلس في أغلب الأوقات، على أن محمدا شاعر، من الخير أن ننتظر عليه ونصبر وسيهلك كما هلك زهير والنابغة وغيرهما قل لهم: تربصوا فإنى معكم من المتربصين أتربص هلاككم ونجاح دعوتي عجبا لهؤلاء! أتأمرهم أحلامهم بهذا التناقض في قولهم حتى قالوا مرة إنه كاهن، وأخرى إنه مجنون، وثالثة إنه شاعر! ما هذا؟ أيجتمع في رجل واحد الشعر والكهانة والجنون؟!! بل هم قوم طاغون؟ نعم هم قوم أعمت بصيرتهم الضلالة، وأضلهم العناد وسوء التقليد حتى ختم على قلوبهم، وجعل على أبصارهم وأسماعهم غشاوة، فمن يهديهم بعد هذا؟


(١) - فالعين مجاز عن الحفظ.
(٢) - أم التي ذكرت هنا في خمسة عشر موضعا هي بمعنى بل والهمزة، أما بل فللإضراب الانتقالى والهمزة للإنكار والتقريع والتوبيخ بمعنى ما كان ينبغي أن يحصل، أو بمعنى ما حصل هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>