للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اذكروا يوم يجمعكم الحق- تبارك وتعالى- ليوم الجمع، يوم تجمع فيه الخلائق كلها، يوم يجمع فيه الأولون والآخرون، والثقلان أجمعون، ذلك يوم التغابن، وهو يوم القيامة سمى بذلك لأنه يوم يظهر فيه غبن كل كافر ترك الإيمان، وغبن كل مؤمن بتقصيره في الإحسان. ولا شك أن ذلك هو التغابن حقيقة الجدير بهذا الاسم «١» .

وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً ... وكأن هاتين الآيتين بيان لمعنى التغابن:

ومن يؤمن بالله حقا ويعمل صالحا يكفر الله عنه سيئاته ويسترها عليه، ويدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار، خالدين فيها وذلك هو الفوز العظيم، والذين كفروا بالله ورسوله، وكذبوا بآياته- وخاصة القرآن الكريم- أولئك هم أصحاب النار خالدين فيها وبئس مصيرهم، فانظر إلى عاقبة المؤمنين. ونهاية الكافرين.

الحياة الدنيا في نظر المؤمنين [سورة التغابن (٦٤) : الآيات ١١ الى ١٨]

ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١١) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (١٢) اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٣) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤) إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٥)

فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٦) إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (١٧) عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨)


(١) والتغابن تفاعل من الغبن، وهو أخذ الشيء من صاحبه بأقل من قيمته، وهو لا يكون إلا في عقد المعاوضة، ولا معاوضة في الآخرة فإطلاق التغابن على ما يكون يوم القيامة إنما هو بطريق الاستعارة، وذلك لأن كلا من المؤمن والكافر جعله الله قادرا على اختيار ما يؤدى إلى سعادة الآخرة فاختيار كل فريق ما يشتهيه مما كان قادرا عليه يدل ما اختاره الآخر فهذا الاختيار منهما مشبه بالمبادلة والتجارة، وشبه ما يتفرع عليه من نزول كل واحد منها منزلة الآخر بالتغابن ١ هـ من حاشية الجمل وزادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>