للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحصنات من النساء بمعنى المتزوجات كذلك يحرمن ما دمن في عصمة رجل ... إلا اللاتي سبين في حرب دينية بيننا وبين الكفار، أى: ليست حرب استعمار واستغلال،

فقد روى عن أبى سعيد الخدري أنه قال: «أصبنا سبيا يوم (أوطاس) ، ولهن أزواج فكرهنا أن نقع عليهن، فسألنا النبىّ صلّى الله عليه وسلّم فنزلت الآية فاستحللناهن»

فقد أحل الله للمسلم نكاح المسبية بعد براءة رحمها من زوجها الأول، وشرط الأحناف أنه لا بد من اختلاف الدار بينها وبين زوجها، فلو سبيت هي وزوجها لم تحل لغيره.

ولعل سائلا يقول: الرق وصمة عار فكيف يبيح الإسلام هذه المعاملة؟

نعم هو وصمة عار والإسلام لم يفرضه ولم يحرمه، بل لم ترد آية واحدة في القرآن تبيح الرق، وقد ترك لإمام المسلمين الحرية فيما يراه صالحا وموافقا لمصلحة الدولة من ناحية الأسرى فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً [سورة محمد آية ٤] . وفي هذا الحكم خاصة نظر القرآن إلى مصلحة المرأة نفسها، إذ غالبا زوجها قتل في الحرب وفرق بينه وبينها، فلن يعود إليها. فبدل أن تكون جرثومة فساد، أو عالة على المجتمع، ندب لها كافلا أو زوجا يكفيها مئونة العيش ولم يتركها. بل أمره بالعدل معها والرحمة، وحثه على العتق ورغبه فيه، وشرطه في كثير من الكفارات.

وبالجملة فقد حرم الله علينا المحصنات من النساء إلا ما سبيناهن في حروب دينية.

وعلى هذا الأساس فليس هناك رق في العالم يقره الإسلام ويرضاه إلا لضرورة.

كتب الله علينا هذه المحرمات كلها، وأحل لكم ما وراء ذلك المذكور من المحرمات في قوله حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ ... إلى هنا، وكذا المطلقة ثلاثا حتى تنكح زوجا غيره، والمشركة حتى تسلم، فعل ذلك لأجل أن تبتغوا النكاح الحلال وتطلبوه بأموالكم متى تدفعونها للزوجة أو ثمنا للأمة بشرط قصد الإحصان والإعفاف. لا بقصد سفح الماء والزنا محصنين أنفسكم وزوجاتكم غير مسافحين ولا زانين.

فالقصد الصحيح الشرعي من الزواج هو الإعفاف، وحفظ الماء، والنسل الطاهر، فيختص كل رجل بأنثى وكل أنثى برجل، وهذا هو معنى الإحصان وعدم سفح الماء، فإن الزاني لا يريد باتصاله بالمرأة إلا سفح الماء فقط استجابة لداعي الطبيعة الحيوانية فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>