للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يقتل بعضكم بعضا، وفي تعبير القرآن وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إشارة إلى أن من قتل غيره فكأنما قتل نفسه (بالقصاص) بل من قتل غيره فقد اعتدى على الأمة كلها وهو فرد منها مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً «١» فدم المسلم على المسلم حرام إلا من ارتد أو زنى وهو محصن أو قتل عمدا.

وإذا كان قتل الغير على هذا الوضع. كان قتل النفس (الانتحار) أشد جرما وأفظع ذنبا لا يصح أن يصدر من مؤمن، ولذا لم ينهنا عنه القرآن صراحة.

إن الله كان بكم رحيما، حيث حرم الاعتداء على الغير في المال والنفس إلا بحق الإسلام، من يفعل ذلك الاعتداء بقصد الجور والظلم فقد استحق من الله عقوبة صارمة وهي إصلاؤه النار وإدخاله فيها وبئس المصير وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً [النساء ٩٣] وكان ذلك على الله يسيرا وسهلا تحقيقه فهو القادر على كل شيء، مالك الملك والملكوت فلا يغرنك حال الكافرين والعصاة فالله يمهل ولا يهمل، سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا.

نهى الله عن أكل أموال الناس بالباطل، وعن القتل بغير حق، وتوعد من ارتكب ذلك بأقسى العقوبة، ثم ذكر في هذه الآية نهيا عامّا لكل كبيرة ووعد من يمتثل بمحو السيئة ودخول الجنة.

اختلف العلماء في المعصية وتحديدها وهل فيها كبيرة وصغيرة؟ أم كلها كبائر؟

وأحسن الآراء أن لا كبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار، فالمعصية إن صاحبها استخفاف بالدين، واستهانة به مع الإصرار فهي كبيرة من الكبائر.

وإذا نظرت إلى الزنى وقبلة المرأة أو النظر إليها رأيت أن الزنى كبيرة بلا شك بالنسبة إلى النظر أو القبلة. وعلى هذا الأساس جاء حد الكبائر في الأحاديث الشريفة،

فقد ثبت في الصحيحين من حديث أبى هريرة: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اجتنبوا السبع الموبقات: - أى: المهلكات- قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، والسحر، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والتولي


(١) سورة المائدة آية ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>