للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه. أَنْ يَصَّدَّقُوا: أن يعفوا عنها. مِيثاقٌ: عهد، أو ذمة، أو أمان.

مُتَتابِعَيْنِ: المراد شهرين قمريين لا يتخللهما فطر إلا لعذر شرعي. تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ: تطهيرا لأنفسكم ولأما لجرحكم.

[سبب النزول:]

روى أن الحارث بن يزيد من بنى عامر بن لؤي كان يعذب عياش بن أبى ربيعة ثم خرج الحارث مهاجرا إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يعرف إسلامه بعد، فلقيه عياش بالحرة (ضاحية من ضواحي المدينة) فعلاه بالسيف وهو يظن أنه لا يزال كافرا، ثم جاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فأخبره الخبر، فنزلت الآية ثم قال له: قم يا عياش فحرر، أى: أعتق رقبة مؤمنة.

[المعنى:]

الإيمان بالله ورسوله إذا وصل إلى القلب منع صاحبه من ارتكاب الفواحش خاصة التعدي على النفس بغير حق، والمؤمن يشعر بحقوق الله عليه وحقوق إخوانه المؤمنين.

ويؤمن بقوله تعالى: ومَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً «١»

وروى في الصحيحين أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة»

والأحاديث التي تقرن القتل بالشرك كثيرة، ولذا يقول الله وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً «٢» أى: ليس من شأن الإيمان وطبعه أن يقتل المؤمن مؤمنا، وأن يقترف هذا الجرم الفظيع عمدا وبقصد!! ولكنه قد يقع منه ذلك خطأ وبغير قصد.

ومن قتل مؤمنا خطأ فعليه عقاب إذ الخطأ ينشأ من التهاون وعدم الاهتمام والاعتناء.

والقتل الخطأ: كأن يقصد طيرا فيصيب إنسانا، أو يظن شخصا كافرا حربيا فيظهر أنه مسلم، كما حصل لعياش- رضى الله عنه- أو يقصد إنسانا بما لا يقتل غالبا كالعصا البسيطة واليد فيقتله.


(١) سورة المائدة آية ٣٢.
(٢) سورة النساء آية ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>