للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهم الذين اتخذوا دينكم ومشاعره هزؤا وسخرية، ومظهرا من مظاهر اللعب والضحك ولا شيء أشق على النفس من استهزاء المعاند له وسخريته به وبرأيه وشعاره، واتقوا الله أيها الناس واخشوا عذابه ووعيده على الموالاة إن كنتم مؤمنين.

كرر الله نهى المؤمنين عن موالاة أعدائهم من الكفار تنفيرا لهم عنها، وتسجيلا على الكفار فعلهم.

وبعد أن أثبت الله استهزاءهم بالدين على وجه العموم وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ «١» سجل عليهم استهزاءهم بنوع خاص هو عماد الدين وأساسه: هو الصلاة.

وإذا ناديتم إلى الصلاة بالأذان والإقامة اتخذوا هذه المناداة والصلاة هزؤا ولعبا، ما ذلك الاستهجان القبيح إلا لأنهم قوم لا عقل لهم يرشدهم ولا رأى يهديهم بل هم في ضلالهم يعمهون.

إذا ما أروع هذا النداء الذي يهز القلوب ويجلوها، ويطهر النفوس ويزكيها، يا سبحان الله!! أهذا النداء يضحك؟

الله أكبر. الله أكبر. نعم، الله أكبر من كل شيء في الوجود، استفتاح يا له من استفتاح! وانظر إلى إتباعه بالشهادتين لله ورسوله وهما ركنا الإيمان ودعامته! وما أروع قول المؤذن: حي على الصلاة! أقبلوا عليها بجد ونشاط ونفس راضية مطمئنة، حي على الفلاح: وهل هناك فلاح أكثر من هذا وأعلى؟! قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها. وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها [سورة الشمس الآيتان ٧ و ٨] الله أكبر، لا إله إلا الله!

روى ابن جرير عن ابن عباس قال: أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نفر من اليهود: أبو ياسر ابن أخطب، ورافع بن أبى رافع في جماعة فسألوه عمن يؤمن به من الرسل؟ فقال:

آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ «٢» فلما ذكر عيسى جحدوا نبوته وقالوا: لا نؤمن بمن آمن به، وروى أنهم قالوا: لا نعلم شرا من دينكم

، فنزلت الآيات الآتية:


(١) سورة البقرة آية ١٤.
(٢) سورة البقرة آية ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>