للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله عن المؤمنين أوزارهم، وأمر بأن يكملوا أنفسهم بالعمل الطيب، ولا عليهم شيء بعد هذا.

[المعنى:]

يا أيها المؤمنون عليكم أنفسكم، كملوها بالعلم والعمل وأصلحوها بالقرآن والسنن وانظروا فيما يقربها إلى الله حتى تكون في رفقة الأنبياء الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وبعد هذا لا يضركم من ضل إذا اهتديتم.

نعم لا يضركم شيء إذا قمتم بما عليكم من واجبات وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكرات، فالله يقول: وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى «١» ثم إلى الله وحده المرجع والمآب وسيجازى كلا على عمله، إن خيرا فخير، وإن شرّا فشر.

روى ابن كثير أن أبا بكر خطب في الناس فقال: «أيها الناس إنكم تقرءون وهذه الآية (عليكم أنفسكم ... الآية) وإنكم تضعونها في غير موضعها وإنى سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه يوشك أن يعمهم الله بعقاب»

وفي حديث أبى ثعلبة الخشني قال: «لقد سألت عنها خبيرا (أى: هذه الآية) سألت عنها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحّا مطاعا، وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأى برأيه فعليك بخاصة نفسك ودع عنك العوام فإن من ورائك أياما، الصابر فيهن مثل القابض على الجمر، للعامل فيهن أجر خمسين رجلا يعملون كعملكم» .

وفي رواية لابن عمر: إن هذه الآية تأويلها في غير زمن النبوة بل في القرون الآتية بعد، وعن سعيد بن المسيب: إذا أمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر فلا يضركم من ضل إذا اهتديتم.

والخلاصة أن السلف متفقون على أن المسلم يكمل نفسه بالعمل الصالح، ويكمل غيره بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وأن هذا فرض لا يسقط إلا إذا اضمحل الزمان، وفسد الناس فسادا يؤدى إلى إيذاء الواعظ إيذاء يهلكه.

والرأى- والله أعلم- أن الله يخاطب الجماعة في مقام الأمر بالمعروف والنهى عن


(١) سورة الزمر آية ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>