للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها) ولو كان في معرفتها خير لعرفها لنا، وانظر كيف يوسع الله على عباده في الحلال وفي الأكل ثم يحرم عليهم القليل الضار، اختبارا لهم وامتحانا.

فإنكما إن قربتما منها، وأكلتما من ثمرها تكونا من الظالمين لأنفسكما الخارجين عن حدود الله.

أما الشيطان إبليس العدو المبين فلم يترك آدم وزوجه يتمتعان بالنعيم، بل وسوس وزين لهما الأكل المحرم من الشجرة.

فوسوس لهما الشيطان ليكون عاقبة تلك أن يبدي لهما ما ورى عنهما وستر من عورتهما، وهل هذه كناية عن شهوتهما التي ظهرت فجأة بعد استتارها. أو هي العورة الحقيقية؟

فكان عمل إبليس عمل من يثير الغرائز، ويظهر الدفائن المكنونة في الإنسان من عوامل الفساد.

وقال إبليس: ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين، لكما من الخصائص ما للملائكة في القوة والبطش وطول الأجل، أو تكونا من الخالدين فيها.

ثم أقسم لهما قسما مغلظا: إنى لكما لمن الناصحين المخلصين، ثم بعد هذا ما زال يخدعهما بالترغيب، وبالوعد، وبالقسم، حتى نسيا موقفهما من الله وأمره إليهما، وأسقطهما عما كانا فيه من مكانة ومنزلة وطبيعة. وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً [سورة طه آية ١١٥] .

فلما ذاقا الشجرة، وأكلا منها، بدت لهما عوراتهما، وكانت مستورة، وأحسا بالغريزة الجنسية.

ونادهما ربهما: ألم أنهكما عن تلكما الشجرة؟ وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين، فاحذروه، واجتنبوه: فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى [سورة طه آية ١١٧] .

قالا: ربنا ظلمنا أنفسنا بمخالفتك وطاعة الشيطان عدونا وعدوك وإن لم تغفر لنا وتستر ذنبنا، لنكونن من الخاسرين الذين خسروا الدنيا والآخرة: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [سورة البقرة آية ٣٧] .

<<  <  ج: ص:  >  >>