للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المفردات:]

الرَّجْفَةُ: الصاعقة التي تزلزل القلوب والأبدان. حَسَنَةً المراد: صحة وعافية، وغنى عن الناس، واستقلالا في الدولة. هُدْنا: رجعنا وتبنا.

[المعنى:]

ذكر المفسرون أن الله قد أوحى إلى موسى أن يختار سبعين رجلا من بنى إسرائيل ويصطفيهم، ويأتى بهم إليه وقد اختلفوا هل كان هذا عقب عبادتهم العجل ليتوبوا؟

أو كان هذا عقب طلب موسى للرؤية.

فاختار موسى سبعين رجلا لميقاتنا، وأمرهم أن يصوموا، وأن يتطهروا ثم خرج بهم إلى طور سيناء، فلما دنا موسى من الجبل وقع عليه عمود الغمام حتى تغشى الجبل كله وقال للقوم: ادنوا فدنوا حتى إذا دخلوا في الغمام وقعوا سجدا، وسمعوا المولى- جل شأنه- وهو يكلم موسى بأمره ونهيه: افعل ولا تفعل، ثم انكشف الغمام، فأقبلوا على موسى وطلبوا منه الرؤية، قيل: لم يصدقوا أن الذي أمرهم بقتل أنفسهم هو الله حتى يروه، فوعظهم موسى وزجرهم، فقالوا: يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة. فقال: رب أرنى أنظر إليك، قال: لن تراني، وبعض العلماء يقول: طلب موسى الرؤية مع علمه بعدم إمكانها ليسمعوا الرد فيكون هذا أبلغ من الرد عليهم، ولذا أجيب بلن تراني. ورجف بهم الجبل وصعقوا حينما ألحوا في طلب الرؤية، ولما أخذتهم الرجفة قال موسى: رب لو شئت أهلكتهم من قبل هذا حينما عبدوا العجل، وقيل:

حين طلب الرؤية وأهلكتنى معهم كذلك قبل أن أرى ما رأيت!! قال موسى: أتهلكنا بما فعل السفهاء منا؟ حيث طلبوا الرؤية لك جهارا قياسا منهم على سماع كلامك وهو قياس فاسد.. وقيل: ما فعله السفهاء هو عبادة العجل.

ما هي إلا فتنتك وابتلاؤك حين كلمتنى فسمعوا كلامك وطلبوا الرؤية، تضل بالمحنة الجاهلين غير الثابتين في معرفتك، ولست ظالما لهم أبدا بل هذا موافق لطبعهم، وتهدى بها من تشاء من عبادك الثابتين المؤمنين، وهذا موافق لطبعهم والله أعلم بعباده، فلو تركوا وشأنهم لاختار كل منهم ما هو فيه، وما قدر له، أنت ولينا يا رب فاغفر لنا

<<  <  ج: ص:  >  >>