للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سورة التوبة وفيها نقض عهود المشركين، فأمر عليا أن يبلغ ذلك الناس يوم الحج الأكبر قائلا:

«لا يبلغ عنى إلا رجل منى»

فلما اجتمعوا بمنى يوم النحر قرأ عليهم علىّ آيات من أول هذه السورة ثم قال: أمرت بأربع: ألا يقرب البيت بعد العام مشرك، وألا يطوف بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلا كل نفس مؤمنة، ومن كان بينه وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عهد فهو إلى مدته، ومن لم يكن له عهد فأجله أربعة أشهر، وأن يتم إلى كل ذي عهد عهده ...

[المعنى:]

هذه براءة مبتدأة من الله ورسوله واصلة إلى الذين عاهدتم من المشركين وإنما نسبت البراءة لله ولرسوله مع شمولها للمسلمين ونسبت المعاهدة للمسلمين فقط مع أنها بإذن الله واتفاق رسول الله، للإشارة إلى وجوب تنفيذ نقض العهد، وأنه صادر من الله ورسوله، ولا حرج عليكم أبدا فيه، فهو أمر واجب الامتثال، وهو لحكمة الله يعلمها، وأما المعاهدة فهي كبقية العقود أمرها الظاهر المشاهد أنها مع المسلمين، وذكر الرسول صلّى الله عليه وسلّم في قوله: براءة من الله ورسوله مع عدم ذكره في المعاهدة عاهَدْتُمْ للتنويه بمقامه المحمود، ومكانه المرموق مع المولى جل شأنه.

هذه براءة من الله ورسوله، وتخلص من عهود المشركين، وإيذان لهم بالحرب، وإعطاؤهم فرصة للاستعداد مع التحدي الكامل لهم، حيث أمروا بالسير في الأرض والسياحة فيها حسب مشيئتهم وهواهم ليحصنوا أنفسهم وأموالهم، إذ ليس المراد أمر المشركين بالسياحة في الأرض وأقطارها أربعة أشهر.

فسيحوا في الأرض واستعدوا في هذه المدة، واعلموا علما أكيدا، أنكم غير معجزي الله أبدا، وأن الله مخزيكم ومذلكم فأنتم كفرتم بالله ورسوله ونقضتم عهودكم مع المسلمين مرارا، وقد يتحقق الموعود به بالأسر والقتل، وإعلاء كلمة الله، وذهاب الشرك إلى حيث لا رجعة، هذا هو الخزي في الدنيا، وفي الآخرة عذاب شديد أعد لهم.

أمرهم الله أن يسيحوا في الأرض أربعة أشهر تبتدئ من عاشر ذي الحجة سنة تسع

<<  <  ج: ص:  >  >>