للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمطر وما أدراك؟؟!! الذي يحيى الأرض بعد موتها، وانظر كيف يخرج من البحار والأنهار بخارا يتكاثف ويتجمع فيكون سحبا تثقل شيئا فشيئا ثم تسيرها الرياح حيث يشاء الله، ثم يسقط مطرا، أفلا يدل هذا على الواحد الأحد الفرد الصمد الرحمن الرحيم؟!! ومن آثار الماء النازل من السماء مطرا أن نشر في الأرض كل دابة: وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ [سورة الأنبياء آية ٢١] .

وانظر إلى قدرة الله ووحدانيته التي تفردت بتصريف الرياح وتدبيرها وتوجيهها على حسب الإرادة، فمرة من الشمال وأخرى من الجنوب وتارة حارة وأخرى باردة، فسبحان الله الواحد الرحمن الرحيم لا إله إلا هو!! وانظر إلى السحاب المذلل بين السماء والأرض كيف تكوّن وتجمّع؟ ثم تفرق بنزوله مطرا وتبدّد في الجهات التي أرادها له خالقه.

من الذي خلق هذا وأودع السر في هذه كلها؟؟ إن في ذلك لآيات دالات على الوحدانية والرحمة بالعباد، ولكنها آيات لقوم يعقلون.

ثم يذكر الله- تعالى- حال المشركين به في الدنيا وعاقبتهم في الآخرة، حيث جعلوا لله أمثالا ونظراء يعبدونهم معه ويحبونهم كحبه! وهو الله لا إله إلا هو، لا ندّ له، ولا شريك معه، والذين آمنوا بالله ورسله أكثر حبا لله منهم، فتمام معرفتهم وحبهم وتعظيمهم له- سبحانه- أنهم لا يشركون به شيئا، بل يعبدونه وحده ويلجئون إليه في جميع أمورهم: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ أما غيرهم فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله- سبحانه- مخلصين، وإذا ما نزلوا على الأرض اتجهوا إلى آلهتهم وقالوا:

ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، فهم في الشدة مع الله وفي الرخاء يسوون به غيره، فإذن هم يحبون آلهتهم كحب الله، والذين آمنوا لا يحبون إلا هو، فهم أشد حبا لله.

ولو يرى الذين ظلموا أنفسهم باتخاذهم الأنداد وإشراكهم بالله وقت صب العذاب عليهم صبا لعلموا حينئذ أن القوة لله وحده، وله الحكم لا شريك له. وأن الكل تحت قدرته ومن بينها الأصنام والأنداد، ورأوا أن الله شديد العذاب فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ. وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ [الفجر: ٢٥ و ٢٦] لو علموا هذا لانتهوا عما هم فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>