للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المفردات:]

مَثَلُ المثل: الصفة العجيبة التي تشبه في غرابتها المثل زُخْرُفَها الزخرف: كمال حسن الشيء ومنه قيل للذهب زخرف لَمْ تَغْنَ يقال غنى بالمكان أقام به وعمره.

[المعنى:]

تقدم ذكر البغي وجزائه في الدنيا والآخرة، وكان من أسبابه حب الدنيا والاغترار بها، فناسب ذكر الدنيا وضرب الأمثال لها ليعتبر العاقل، ويتعظ المؤمن.

إنما مثل الحياة الدنيا في سرعة انقضائها، وزوال نعيمها، وأنها تعطى لتأخذ، وتحلى لتمر، وتمنح لتسلب، إنما مثلها وحالها كحال نبات الأرض الذي ينمو ويزدهر ويتشابك بعضه مع بعض بسبب ماء السماء الذي لا فضل لأحد فيه، هذا النبات المزدهر مما يأكل الناس من قمح وشعير وذرة وغيره، ومما يأكل الأنعام من كلأ وحشائش، وما زال النبات ينمو ويزدهر حتى إذا أخذت الأرض زخرفها، واستوفت زينتها من سندس أخضر، وزهر أحمر وأصفر، وأغصان شامخة، وثمار يانعة، وما أروع التركيب حيث شبه الدنيا بعروس بالغت في تزينها بالثياب والزينة حتى كمل لها ما أرادت. وهكذا الدنيا قبيل قيام الساعة.

وظن أهلها أنهم قادرون عليها متمكنون منها، أغنياء بثمرها وغلتها حتى إذا حصل هذا كله أتاها أمرنا وقضاؤها ليلا أو نهارا. عشية أو ضحاها فجعلناها كالأرض المحصودة التي قطعت واستؤصل زرعها، كأن لم تكن بالأمس، والمعنى: هلكت فجأة فلم يبق من زرعها شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>