للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قل لهم: أخبرونى إن أتاكم العذاب المعد للعصاة والمجرمين وأنتم بالليل نائمون أو في النهار لاهون أو مشتغلون، ولا يخلو الحال من واحد منهما، إن أتاكم العذاب ماذا تستعجلون؟ أعذاب الدنيا أم عذاب الآخرة، إن كان هذا أو ذاك فهو حماقة وجهالة، لأنه استعجال لأمر محقق الوقوع.

أيستعجل بالعذاب المجرمون منكم، ثم إذا وقع آمنتم به يوم لا ينفع نفسا إيمانها ما لم تكن آمنت من قبل، إذ فرق بين الإيمان والتصديق الخالص لله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم وبين الإيمان للضرورة ولرؤية الخطر الداهم.

ويقال لكم حينئذ: توبيخا وتأنيبا الآن آمنتم به اضطرارا؟ وقد كنتم به تستعجلون تكذيبا واستنكارا وتعجيزا، ثم قيل للذين ظلموا أنفسهم بالكفر والعصيان ذوقوا عذاب الخلد، والعذاب الدائم المستمر المعد لكم ولأمثالكم، هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون؟!! ويستنبئونك أيها الرسول، ويطلبون منك الخبر الصحيح أحق هذا الذي تقوله وتعد به الكفار؟ أحق هو؟ كأنهم لم يكونوا على يقين من تكذيبهم وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا قل لهم أيها الرسول: نعم إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ. ما لَهُ مِنْ دافِعٍ وما أنتم بمعجزين، ولا أنتم بهاربين وكيف تعجزون خالق السماء والأرض، وكيف تهربون؟ ولأيّ جهة تتجهون؟!! هذا العذاب الذي تستعجلونه في الدنيا، والذي أعد لكم في الآخرة، عذاب الله أعلم به وقد وصفه الله فقال: وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ بالاعتداء على نفسها أو على غيرها، ولو أن لها كل ما فِي الْأَرْضِ ثم رأت العذاب المعد لها لَافْتَدَتْ بِهِ نفسها، ولكن أنى لها ذلك؟

وهم حين يرون العذاب يسرون الندامة لاعتقادهم أنه لا فائدة في إظهار الندم والحسرة على ما فرط، وتارة يجهرون ويقولون: يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وقضى بينهم بالقسط، وهم لا يظلمون.

والله- سبحانه- قادر على ذلك، ووعد به، ووعده الحق وكلامه الصدق، وهو القادر على كل شيء، وإليه المرجع والمآب ولذا اختم الآية بقوله: ما معناه أَلا إِنَّ لِلَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>