للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سكران- حتى نزل قوله- تعالى- في سورة المائدة: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ. إلى قوله: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ فقال عمر: انتهينا.

انتهينا) «١» .

والمراد بالصلاة عند كثير من العلماء: الهيئة المخصوصة من قراءة وقيام وركوع وسجود.

والمراد بقربها: القيام إليها والتلبس بها، إلا أنه- سبحانه- نهى عن القرب منها مبالغة في النهى عن غشيانها وهم بحالة تتنافى مع جلالها والخشوع فيها.

وقوله سُكارى جمع سكران.

وأصل السكر في اللغة السد. ومنه قولهم سكرت الطريق أى سددته. ومنه قوله- تعالى- حكاية عن الكافرين وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ. لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا أى: انسدت فصارت لا ينفذ إليها النور، ولا ندرك الأشياء على حقيقتها.

والمراد بالسكر هنا الحالة التي تحصل لشارب الخمر والتي يفقد معها وعيه، ويسد ما بين المرء وعقله.

والجنب: من أصابته الجناية بسبب جماع أو احتلام أو غيرهما. وهذا اللفظ يستوي فيه- على الصحيح- الواحد، والمثنى، والجمع، والمذكر والمؤنث لجريانه مجرى المصدر، واشتقاقه من المجانبة بمعنى المباعدة.

وعابر السبيل: مجتاز الطريق وهو المسافر. أو من يعبر الطريق من جانب إلى جانب.

يقال: عبرت هذا الطريق فأنا أعبره عبرا وعبورا. ومنه قيل: عبر فلان النهر إذا قطعه وجازه.

والمعنى: يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن تؤدوا الصلاة وأنتم في حالة السكر. حتى تكونوا بحيث تعلمون ما تقولونه قبل أدائها، ولا في حال الجنابة حتى تغتسلوا إلا أن تكونوا مسافرين ولم تجدوا ماء فتيمموا لكي تؤدوها.

ومن العلماء من يرى أن المراد بالصلاة هنا: مواضعها وهي المساجد. فالكلام مجاز مرسل بتقدير مضاف فهو من باب ذكر الحال وإرادة المحل.

والمعنى عليه: لا تقربوا مواضع الصلاة وهي المساجد وأنتم سكارى، ولا تقربوها وأنتم جنب حتى تغتسلوا إلا أن تكونوا تريدون اجتيازها من باب إلى آخر من غير مكث فيها فإنه يجوز لكم ذلك.


(١) تفسير ابن كثير ج ١ ص ٥٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>