للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن كثير- عند تفسيره للآية الأولى-: ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في شأن عثمان بن طلحة بن أبى طلحة. وهو ابن عم شيبة بن عثمان بن أبى طلحة الذي صارت الحجابة في نسله إلى اليوم. وسبب نزولها فيه: حين أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة منه يوم الفتح ثم رده عليه.

ثم قال: قال محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن جعفر عن عبيد الله بن أبى ثور عن صفية بنت شيبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل بمكة واطمأن الناس، خرج حتى أتى إلى البيت فطاف به سبعا على راحلته يستلم الركن بمحجن في يده. فلما قضى طوافه دعا عثمان بن طلحة فأخذ مفتاح الكعبة منه ففتحت له فدخلها.

ثم قام على باب الكعبة فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له. صدق وعده. ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده. ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى فهو تحت قدمي هاتين: إلا سدانة البيت وسقاية الحاج.

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين عثمان بن طلحة؟ فدعى له. فقال: هاك مفتاحك يا عثمان!! اليوم يوم بر ووفاء «١» .

هذا ونزول الآية الكريمة في هذا السبب الخاص لا يمنع عمومها إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

والأمانات: جمع أمانة وهي مصدر سمى به المفعول. فهي بمعنى ما يؤتمن الإنسان عليه.

والمعنى: إن الله تعالى- يأمركم- أيها المؤمنون- أن تؤدوا ما ائتمنتم عليه من الحقوق سواء أكانت هذه الحقوق لله- تعالى- أم للعباد. وسواء أكانت فعلية أم قولية أم اعتقادية.

وقد أسند- سبحانه- الأمر إليه مع تأكيده، اهتماما بالمأمور به، وحضا للناس على أداء ما يؤتمنون عليه من علم ومال، وودائع، وأسرار، وغير ذلك مما يقع في دائرة الائتمان، وتنبغي المحافظة عليه.

ومعنى أدائها إلى أهلها: توصيلها إلى أصحابها كما هي من غير بخس أو تطفيف أو تحريف أو غير ذلك مما يتنافى مع أدائها بالطريقة التي ترضى الله- تعالى-.

ومن الآيات القرآنية التي نوهت بشأن الأمانة وأمرت بأدائها وحفظها قوله- تعالى-:

إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ «٢» .


(١) تفسير ابن كثير ج ١ ص ٥١٥- بتصرف وتلخيص.
(٢) سورة الأحزاب الآية ٧٢ [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>