للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاستفهام في قوله- تعالى- أَلَمْ تَرَ للتعجيب من حال أولئك الذين كانوا يظهرون التشوق إلى القتال فلما فرض عليهم جبنوا عنه.

وقوله كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ من الكف بمعنى الامتناع أى: امتنعوا عن مباشرة القتال إلى أن تؤمروا به.

والمعنى: ألم ينته علمك يا محمد أو ألم تنظر بعين الدهشة والغرابة إلى حال أولئك الذين كانوا يظهرون شدة الحماسة للقتال، فقيل لهم كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ أى: عن القتال لأنكم لم تؤمروا به بعد وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ فإن الصلاة تخلص النفس من أدران المآثم، وتجعلها تتجه إلى الله وحده وَآتُوا الزَّكاةَ فإن الزكاة تطهر النفوس من الشح والبخل، وتربط بين الناس برباط المحبة والتعاون.

ثم بين- سبحانه- حالهم بعد أن فرض عليهم القتال فقال: فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً.

أى: فحين فرض عليهم القتال وأمروا بمباشرته بعد أن صارت للمسلمين دولة بالمدينة، حين حدث ذلك، إذا فريق منهم- وهم الذين قل إيمانهم، وضعف يقينهم، وارتابت قلوبهم- يَخْشَوْنَ النَّاسَ أى يخافونهم خوفا شديدا كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً أى: يخافون من الكفار أن يقتلوهم كما يخافون من الله أن ينزل بهم بأسه، أو أشد من ذلك.

فالمراد بالناس في قوله يَخْشَوْنَ النَّاسَ أولئك الأعداء الذين كتب الله على المؤمنين قتالهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>