للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على القوم وقال: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فحمل عليه أحدهم فقتله- ظنا منه أن المقتول نطق بالشهادتين ليأمن القتل- فلما ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم شق عليه ونزلت الآية فحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ديته إلى أهله ورد عليه غنيماته.

وقد قيل: إن القاتل محلم بن جثامة والمقتول عامر بن الأضبط. وقيل: إن القاتل أسامة بن زيد والمقتول مرداس بن نهيك من بنى مرة من أهل فدك.

وفي سنن ابن ماجة عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا من المسلمين إلى المشركين فقاتلوهم قتالا شديدا فمنح المشركون المسلمين أكتافهم. فحمل رجل من المسلمين على رجل من المشركين بالرمح. فلما غشيه قال: أشهد أن لا إله إلا الله إنى مسلم. فطعنه فقتله.

فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هلكت. قال: «وما الذي صنعت» مرة أو مرتين.

فأخبره بالذي صنع. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فهلا شققت عن بطنه فعلمت ما في قلبه» ؟

فقال: «يا رسول الله لو شققت بطنه أكنت أعلم ما في قلبه؟ قال: لا فلا أنت قبلت ما تكلم به ولا أنت تعلم ما في قلبه» ...

ثم قال القرطبي: ولعل هذه الأحوال جرت في زمان متقارب فنزلت الآية في الجميع «١» .

والضرب في الأرض: السير فيها. تقول العرب: ضربت في الأرض إذا سرت لتجارة أو غزو أو غيره. وكأن السير في الأرض سمى بذلك لأنه يضرب الأرض برجليه في سيره. والمراد بالضرب في الأرض هنا: السفر والسير فيها من أجل الجهاد في سبيل الله.

وقوله فَتَبَيَّنُوا معناه: فتثبتوا وتأكدوا وتأملوا فيما تأتون وتذرون. وقرأ حمزة «فتثبتوا» .

قال القرطبي: والسلم والسلم والسلام بمعنى واحد. قال البخاري. وقرئ بها كلها.

واختار أبو عبيد «السلام» . وخالفه أهل النظر فقالوا السلم هنا أشبه لأنه بمعنى الانقياد والاستسلام. كما قال- تعالى- فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ.

والمعنى: يا أيها الذين آمنوا وصدقوا بالحق، إذا خرجتم من بيوتكم وسرتم في الأرض من أجل الجهاد في سبيل الله وإعلاء كلمته فَتَبَيَّنُوا أى فاطلبوا بيان الأمر في كل ما تأتون وما تذرون، واحذروا أن تضعوا سيوفكم في غير موضعها. فإن الأصل في الدماء الحرمة والصيانة وعدم الاعتداء عليها، وقد حرم الله- تعالى- قتل النفس إلا بالحق.


(١) تفسير القرطبي ج ٥ ص ٣٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>