للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أورد المفسرون في سبب نزول هذه الآية روايات منها ما أخرجه الشيخان وغيرهما عن جابر بن عبد الله قال: دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا مريض لا أعقل. فتوضأ فصب على أو قال:

صبوا عليه. فعقلت فقلت: إنه لا يرثني إلا كلالة. فكيف الميراث. فأنزل الله آية الفرائض.

وفي بعض الألفاظ فأنزل الله آية الميراث يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ الآية. وفي رواية قال جابر: نزلت في: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ «١» .

ويبدو أن عددا من الصحابة قد سألوا النبي صلى الله عليه وسلم في شأن ميراث الكلالة في أزمنة متفرقة فنزلت هذه الآية للإجابة عن أسئلتهم المتعلقة بها. وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية بآية الصيف، لأنها نزلت في هذا الوقت.

قال القرطبي: قال عمر: إنى والله لا أدع شيئا أهم إلى من أمر الكلالة. وقد سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها فما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيها، حتى طعن بإصبعه في جنبي أو في صدري ثم قال: «يا عمر، ألا تكفيك آية الصيف التي أنزلت في آخر سورة النساء» «٢» .

وقوله: يَسْتَفْتُونَكَ من الاستفتاء بمعنى طلب الفتيا أو الفتوى. يقال: استفتيت العالم في مسألة كذا. أى: سألته أن يبين حكمها. فالإفتاء معناه: إظهار المشكل من الأحكام وتبينه.

والكلالة.. كما يقول الراغب-: اسم لما عدا الولد والوالد من الورثة وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الكلالة فقال: «من مات وليس له ولد ولا والد» ، فجعله اسما للميت. وقال ابن عباس: هو اسم لمن عدا الولد» «٣» .

وقال ابن كثير ما ملخصه: وكان- رضى الله عنه- يقول: الكلالة من لا ولد له. وكان أبو بكر- رضى الله عنه- يقول: الكلالة ما عدا الولد والوالد.

ثم قال: وعن عمر أنه قال: إنى لأستحى أن أخالف أبا بكر. وهذا الذي قاله الصديق، هو الذي عليه جمهور الصحابة والتابعين والأئمة في قديم الزمان وحديثه. وهو مذهب الأئمة الأربعة، والفقهاء السبعة، وقول علماء الأمصار قاطبة، وهو الذي يدل عليه القرآن «٤» .

وقد ذكرت كلمة الكلالة مرتين في هذه السورة.

أما المرة الأولى ففي قوله- تعالى- في آيات المواريث:


(١) تفسير ابن كثير ج ١ ص ٥٩٢
(٢) تفسير القرطبي ج ٦ ص ٢٩
(٣) المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني ص ٤٣٧
(٤) تفسير ابن كثير ج ١ ص ٥٩٥

<<  <  ج: ص:  >  >>