للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ.. كلام مستأنف لبيان المزيد من رذائل المنافقين. أو معطوف على قوله- سبحانه- قبل ذلك لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لَاتَّبَعُوكَ.

وقوله: انْبِعاثَهُمْ أى: نهوضهم وانطلاقهم للخروج بنشاط وهمة. من البعث وهو إثارة الإنسان أو الحيوان وتوجيهه إلى الشيء بقوة وخفة.

تقول: بعثت البعير فانبعث إذا أثرته للقيام والسير بسرعة.

وقوله: «فثبطهم» أى: فمنعهم وحبسهم، من التثبيط «وهو رد الإنسان عن الفعل الذي هم به عن طريق تعويقه عنه ومنعه منه.

يقال: ثبطه تثبيطا، أى: قعد به عن الأمر الذي يريده ومنعه منه بالتخذيل ونحوه.

والمعنى: ولو أراد هؤلاء المنافقون الخروج معك- يا محمد- إلى تبوك لأعدوا لهذا الخروج عدته اللازمة له من الزاد والراحلة، وغير ذلك من الأشياء التي لا يستغنى عنها المجاهد في سفره الطويل، والتي كانت في مقدورهم وطاقتهم.

وقوله. وَلكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعاثَهُمْ استدراك على ما تقدم.

أى: ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدته، ولكنهم لم يريدوا ذلك، لأن الله- تعالى- كره خروجهم معك، فحبسهم عنه، لما يعلمه- سبحانه- من نفاقهم وقبح نواياهم، وإشاعتهم للسوء في صفوف المؤمنين.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت. كيف موقع حرف الاستدراك؟ قلت: لما كان قوله وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ معطيا معنى نفى خروجهم واستعدادهم للغزو، قيل: وَلكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعاثَهُمْ، كأنه قيل: ما خرجوا ولكن تثبطوا عن الخروج لكراهة انبعاثهم، كما تقول.

ما أحسن إلى زيد ولكن أساء إلى، «١» .

وقال الجمل. وهاهنا يتوجه سؤال، وهو أن خروج المنافقين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إما


(١) تفسير الكشاف ج ٢ ص ٢٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>