للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الجمل: «وتقدم في الأعراف منها ثمانية، ثنتان في قوله- تعالى- فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ «١» وقوله: وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ «٢» .

وواحدة في قوله- تعالى-: وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ «٣» وخمسة في قوله- تعالى-: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ.... «٤» . والتاسعة في هذه السورة- سورة يونس- في قوله- تعالى-:

رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ «٥» .

ثم بين- سبحانه- موقف فرعون وملئه من دعوة موسى لهم فقال: فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ.

والاستكبار: ادعاء الكبر من غير استحقاق، والفاء فصيحة، والتقدير: ثم بعثنا من بعد أولئك الرسل موسى وهارون إلى فرعون وملئه، فأتياهم ليبلغاهم دعوة الله، ويأمراهم بإخلاص العبادة له، فاستكبروا عن طاعتهما، وأعجبوا بأنفسهم، وكانوا قوما شأنهم وديدنهم الإجرام، وهو ارتكاب ما عظم من الذنوب، وقبح من الأفعال.

ورحم الله صاحب الكشاف فقد قال عند تفسيره لهذه الجملة: فاستكبروا عن قبولها، وهو أعظم الكبر أن يتهاون العبيد برسالة ربهم بعد تبينها، ويتعظموا عن تقبلها» «٦» .

ثم بين- سبحانه- ما تفوهوا به من أباطيل عند ما جاءهم موسى بدعوته فقال: فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا إِنَّ هذا لَسِحْرٌ مُبِينٌ.

أى: فلما وصل إليهم الحق الذي جاءهم به موسى- عليه السلام- من عندنا لا من غيرنا قالُوا على سبيل العناد والحقد والغرور إِنَّ هذا الذي جئت به يا موسى لَسِحْرٌ مُبِينٌ أى: لسحر واضح ظاهر لا يحتاج إلى تأمل أو تفكير.

والتعبير بقوله جاءَهُمُ يفيد أن الحق قد وصل إليهم بدون تعب منهم، فكان من الواجب عليهم- لو كانوا يعقلون- أن يتقبلوه بسرور واقتناع.

وفي قوله مِنْ عِنْدِنا تصوير لشناعة الجريمة التي ارتكبوها في جانب الحق، الذي جاءهم من عند الله- تعالى- لا من عند غيره.


(١) الآية ١٠٧
(٢) الآية ١٠٨
(٣) الآية ١٣٠
(٤) الآية ١٣٣
(٥) الآية ٨٨- حاشية الجمل على الجلالين ج ٢ ص ٣١٥
(٦) تفسير الكشاف ج ٢ ص ٢٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>