للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الجمل: «قوله- سبحانه- فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ ... لما ذكر الله- تعالى- ما أتى به موسى- عليه السلام- من المعجزات العظيمة الباهرة، أخبر- سبحانه- أنه مع مشاهدة هذه المعجزات، ما آمن لموسى إلا ذرية من قومه. وإنما ذكر الله هذا تسلية لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم لأنه كان كثير الاهتمام بإيمان قومه، وكان يغتم بسبب إعراضهم عن الإيمان به، واستمرارهم على الكفر والتكذيب، فبين الله له أن له أسوة بالأنبياء- عليهم الصلاة والسلام-. لأن ما جاء به موسى من المعجزات، كان أمرا عظيما. ومع ذلك فما آمن له إلا ذرية من قومه» «١» .

والآية الكريمة معطوفة على كلام محذوف يدل عليه السياق، والتقدير: لقد أتى موسى- عليه السلام- بالمعجزات التي تشهد بصدقه، والتي على رأسها، أن ألقى عصاه فإذا هي تبتلع ما فعله السحرة، ومع كل تلك البراهين الدالة على صدقه، فما آمن به إلا ذرية من قومه.

والمراد بالذرية هنا: العدد القليل من الشباب، الذين آمنوا بموسى، بعد أن تخلف عن الإيمان آباؤهم وأغنياؤهم.

قال الآلوسى: قوله إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ أى: إلا أولاد بعض بنى إسرائيل حيث دعا- عليه السلام- الآباء فلم يجيبوه خوفا من فرعون، وأجابته طائفة من شبابهم فالمراد من الذرية: الشبان لا الأطفال «٢» .

والضمير في قوله مِنْ قَوْمِهِ يعود لموسى- عليه السلام-، وعليه يكون المعنى:

فما آمن لموسى- عليه السلام- في دعوته إلى وحدانية الله، إلا عدد قليل من شباب قومه بنى إسرائيل، الذين كانوا يعيشون في مصر، والذين كان فرعون يسومهم سوء


(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ٢ ص ٢٦٧.
(٢) تفسير الآلوسى ج ١٢ ص ١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>