للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخطاب في قوله- تعالى-: أَفَأَصْفاكُمْ.. للكافرين الذين قالوا، الملائكة بنات الله.

والإصفاء بالشيء: جعله خالصا. يقال: أصفى فلان فلانا بالشيء، إذا آثره به. ويقال للأشياء التي يختص السلطان بها نفسه: الصوافي. وفعله: صفا يصفو، وتضمن هنا معنى التخصيص.

والاستفهام للإنكار والتوبيخ والتهكم.

والمعنى- كما يقول صاحب الكشاف- أفخصكم ربكم على وجه الخلوص والصفاء بأفضل الأولاد، وهم الذكور، ولم يجعل فيهم نصيبا لنفسه، واتخذ أدونهم، وهن البنات، وأنتم لا ترضونهن لأنفسكم، بل تئدوهن وتقتلونهن!! فهذا خلاف الحكمة وما عليه معقولكم وعادتكم. فإن العبيد لا يؤثرون بأجود الأشياء وأصفاها من الشوب، ويكون أردؤها وأدونها للسادات «١» .

والمقصود من الجملة الكريمة نفى ما زعموه من أن الملائكة بنات الله بأبلغ وجه، أى: لم يخصكم ربكم بالبنين، ولم يتخذ من الملائكة إناثا، لأنه- سبحانه- تنزه عن الشريك والولد والوالد والشبيه.

قال- تعالى-: لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ، سُبْحانَهُ هُوَ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ «٢» .

وقال- تعالى-: أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى. تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى «٣» .

وقوله- سبحانه-: إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيماً تسفيه لأقوالهم الباطلة وأفكارهم الفاسدة وعقولهم السقيمة.


(١) تفسير الكشاف ج ٢ ص ٤٥٠.
(٢) سورة الزمر الآية ٤.
(٣) سورة النجم الآية ٢١، ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>