للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام الرازي ما ملخصه: قوله- تعالى-: وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ.. اعلم أن من هذه الآية إلى قصة موسى- عليه السلام- والخضر، كلام واحد في قصة واحدة وذلك أن أكابر كفار قريش احتجوا وقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أردت أن نؤمن بك فاطرد هؤلاء الفقراء.. فنهاه الله عن طردهم لأنه مطلوب فاسد.. ثم إنه- سبحانه- أمره بالمواظبة على تلاوة كتابه، وأن لا يلتفت إلى اقتراح المقترحين، وتعنت المتعنتين «١» .

قوله- سبحانه-: وَاتْلُ ... فعل أمر من التلاوة بمعنى القراءة.

أى: وعليك أيها الرسول الكريم- أن تواظب وتداوم على قراءة ما أوحيناه إليك من هذا القرآن الكريم، وأن تتبع إرشاداته وتوجيهاته، فإن في ذلك ما يهديك إلى الطريق الحق، وما يغنيك عن السؤال والاستفتاء، قال- تعالى-: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ، وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً، يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ «٢» .

وصيغة الأمر في قوله- سبحانه-: وَاتْلُ.. لإبقاء الفعل لا لإيجاده، كما في قوله- تعالى-: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ.

و «من» في قوله مِنْ كِتابِ رَبِّكَ بيانية.

وقوله: لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ أى: ليس في هذا الكون أحد في إمكانه أن يغير أو يبدل شيئا من الكلمات التي أوحاها الله- تعالى- إليك- أيها الرسول الكريم-، لأننا قد تكفلنا بحفظ هذا الكتاب الذي أوحيناه إليك.

قال- تعالى-: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ «٣» .


(١) تفسير الفخر الرازي ج ٢١ ص ١١٤.
(٢) سورة فاطر الآية ٢٩.
(٣) سورة الأنعام الآية ١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>