للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله- سبحانه-: قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى حكاية لما رد الله- تعالى- به على نبيه موسى- عليه السلام- بعد أن تضرع إليه بتلك الدعوات النافعات.

والسؤال هنا بمعنى المسئول، كالأكل بمعنى المأكول.

قال الآلوسى: «والإيتاء: عبارة عن تعلق إرادته- تعالى- بوقوع تلك المطالب وحصولها له- عليه السلام- ألبتة، وتقديره- تعالى- إياها حتما، فكلها حاصلة له- عليه السلام- وإن كان وقوع بعضها بالفعل مرتبا بعد، كتيسير الأمر، وشد الأزر.. «١» .

أى: قال الله- تعالى- لموسى بعد أن ابتهل إليه- سبحانه- بما ابتهل: لقد أجبنا دعاءك يا موسى، وأعطيناك ما سألتنا إياه، فطب نفسا وقر عينا.

وقوله- تعالى-: وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى تذكير منه- سبحانه- لموسى، بجانب من النعم التي أنعم بها عليه، حتى يزداد ثباتا وثقة بوعد الله- تعالى- ولذا صدرت الجملة بالقسم.

أى: وبعزتي وجلالي لقد مننا عليك، وأحسنا إليك مَرَّةً أُخْرى قبل ذلك، ومنحناك من رعايتنا قبل أن تلتمس منا أن نشرح لك صدرك، وأن نيسر لك أمرك ...

ثم فصل- سبحانه- هذه المنن التي امتن بها على عبده موسى، فذكر ثمانية منها: أما أول هذا المنن فتتمثل في قوله- تعالى-: إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى.

وإِذْ ظرف لقوله مَنَنَّا والإيحاء: الإعلام في خفاء.. وإيحاء الله- تعالى- إلى أم موسى كان عن طريق الإلهام أو المنام أو غيرهما.

قال صاحب الكشاف: «الوحى إلى أم موسى: إما أن يكون على لسان نبي في وقتها، كقوله- تعالى-: وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أو يبعث إليها ملكا لا على وجه النبوة كما بعث إلى مريم. أو يريها ذلك في المنام فتتنبه عليه أو يلهمها كقوله- تعالى-:

وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ.


(١) تفسير الآلوسى ج ١٦ ص ١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>