للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن كثير: قال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبى العاليه في قوله- تعالى- وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ قال: هذه أول آية نزلت في القتال بالمدينة فلما نزلت كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقاتل من قاتله ويكف عمن كف عنه حتى نزلت سورة براءة «١» .

ويرى بعض العلماء أن هذه الآيات قد وردت في الأذن بالقتال للمحرمين في الأشهر الحرم إذا فوجئوا بالقتال بغيا وعدوانا. فهي متصلة بما قبلها أتم الاتصال، لأن الآية السابقة بينت أن الأهلة مواقيت للناس في عباداتهم ومعاملاتهم عامة وفي الحج خاصة وهو في أشهر هلالية مخصوصة كان القتال فيها محرما في الجاهلية. فقد أخرج الواحدي عن ابن عباس أن هذه الآيات نزلت في صلح الحديبية، وذلك أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صده المشركون عن البيت الحرام- ثم صالحوه فرضي على أن يرجع عامه القابل ويخلوا له مكة ثلاثة أيام يطوف ويفعل ما يشاء فلما كان العام القابل تجهز هو وأصحابه لعمرة القضاء وخافوا ألا تفي لهم قريش، وأن يصدوهم عن المسجد الحرام بالقوة ويقاتلوهم وكره أصحابه قتالهم في الحرم والشهر الحرام فأنزل الله- تعالى الآيات «٢» .

والقتال والمقاتلة: محاولة الرجل قتل من يحاول قتله، والتقاتل محاولة كل واحد من المتعاديين قتل الآخر.

قال أبو حيان: وقوله: فِي سَبِيلِ اللَّهِ السبيل هو الطريق. واستعير لدين الله وشرائعه لأن المتبع لذلك يصل به إلى بغيته الدينية والدنيوية، فشبه بالطريق الموصل الإنسان إلى ما يقصده، وهذا من استعارة الأجرام للمعاني ويتعلق فِي سَبِيلِ اللَّهِ بقوله: وَقاتِلُوا وهو


(١) تفسير ابن كثير ج ١ ص ٢٢٦. [.....]
(٢) تفسير المنار ج ٢ ص ٢٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>