للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ الذين آمنوا به وصدقوه مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ أى: من الطوفان العظيم الذي أغرق الكافرين، والذي كانت أمواجه كالجبال.

وأصل الكرب: الغم الشديد. يقال: فلان كربه هذا الأمر، إذا ضايقه وجعله في أقصى درجات الهم والخوف.

قال الآلوسى: «وكأنه على ما قيل من كرب الأرض، وهو قلبها بالحفر. إذ الغم يثير النفس إثارة ذلك، أو من كربت الشمس إذا دنت للمغيب، فإن الغم الشديد، تكاد شمس الروح تغرب منه.. وفي وصفه بالعظيم تأكيد لشدته» «١» .

وَنَصَرْناهُ بفضلنا وإحساننا مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا. وعلى أن نوحا رسولا من رسلنا.

والمراد بهؤلاء القوم: قومه الذين لبث نوح فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما. يدعوهم إلى إخلاص العبادة لله. فلم يؤمن به إلا قليل منهم.

إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ أى: إنهم كانوا قوما يعملون أعمال السوء والقبح فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ بسبب إصرارهم على الكفر والعصيان، ولم ننج منهم إلا من اتبع نوحا عليه السلام.

ثم ساق- سبحانه- بعد ذلك جانبا من قصة نبيين كريمين هما داود وسليمان فقال- تعالى-:

[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٧٨ الى ٨٢]

وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلاًّ آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فاعِلِينَ (٧٩) وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ (٨٠) وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ (٨١) وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ (٨٢)


(١) تفسير الآلوسى ج ١٧ ص ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>