للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عباس: فتلكأت ونكصت حتى ظننا أنها ترجع، ثم قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم، فمضت.

وفي رواية فشهدت في الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، ففرق الرسول صلى الله عليه وسلّم بينهما، وقضى أن لا يدعى ولدها لأب ولا يرمى ولدها، ومن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد..» «١» .

والمراد بالرمي في قوله- تعالى- وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ الرمي بفاحشة الزنا.

وقوله- تعالى-: وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ أى: ولم يكن لهؤلاء الأزواج الذين قذفوا زوجاتهم بالزنا من يشهد معهم سوى أنفسهم.

وقوله: فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أى: فشهادة أحدهم التي ترفع عنه حد القذف، أن يشهد «أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين» فيما رماها به من الزنا.

قال الجمل ما ملخصه: «قوله- تعالى- وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ في رفع أنفسهم وجهان: أحدهما أنه بدل من شهداء، والثاني، أنه نعت له على أن إلا بمعنى غير، ولا مفهوم لهذا القيد. بل يلاعن ولو كان واجدا للشهود الذين يشهدون بزناها. وقوله:

فَشَهادَةُ مبتدأ، وخبره «أربع شهادات» أى: فشهادتهم المشروعة أربع شهادات ... » «٢» .

وقرأ الجمهور: «أربع شهادات» بالنصب على المصدر، لأن معنى: فشهادة. أن يشهد.

والتقدير: فعليهم أن يشهد أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين فيما قاله.

وقوله- سبحانه-: وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ بيان لما يجب على القاذف بعد أن شهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين.

أى: والشهادة الخامسة بعد الأربع المتقدمة، أن يشهد القاذف بأن لعنة الله- تعالى- عليه، إن كان من الكاذبين، في رميه لزوجته بالزنا.

قال الآلوسى: وإفرادها- أى الشهادة الخامسة- بالذكر، مع كونها شهادة- أيضا-، لاستقلالها بالفحوى ووكادتها في إفادتها ما يقصد بالشهادة من تحقيق الخبر، وإظهار الصدق. وهي مبتدأ، خبره قوله- تعالى- أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ «٣» .

ثم بين- سبحانه- ما يجب على المرأة لكي تبرئ نفسها مما رماها به زوجها فقال:


(١) راجع تفسير ابن كثير ج ٦ ص ١٢.
(٢) حاشية الجمل على الجلالين ج ٣ ص ٢٠٩.
(٣) تفسير الآلوسى ج ١٨ ص ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>