للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا، قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ.. «١» .

وقوله- سبحانه- الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ «٢» .

والمراد بالدين في قوله- تعالى-: يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ.. الجزاء الذي يستحقونه بسبب آثامهم. ويوفيهم: من التوفية بمعنى إعطاء الشيء كاملا ووافيا. وقوله:

«يومئذ» ظرف ليوفيهم.

أى: في هذا اليوم العظيم وهو القيامة. الذي تشهد فيه الجوارح على صاحبها، يجازى الله- تعالى- هؤلاء الفاسقين الجزاء الحق العادل الذي يستحقونه بسبب رميهم النساء المحصنات الغافلات المؤمنات بالفاحشة.

«ويعلمون» علما لا مجال معه للشك أو الريب عند ما يشاهدون العذاب «أن الله» - تعالى- هو الإله «الحق» في ذاته وصفاته وأفعاله، وأنه- عز وجل- هو «المبين» أى:

المظهر لما أبطنته النفوس، وخبأته الضمائر، والقادر على مجازاة الذين أساءوا بما عملوا، وعلى مجازاة الذين أحسنوا بالحسنى.

ثم ختم- سبحانه- الآيات التي نزلت في حديث الإفك بتقرير سنته الإلهية، التي نشاهدها في واقع الناس- وهي: أن شبيه الشيء منجذب إليه، وأن الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف. وما تناكر منها اختلف» . - كما جاء في الحديث الشريف- فقال- تعالى-: «الخبيثات للخبيثين» أى: الخبيثات من النساء، مختصات بالخبيثين من الرجال «والخبيثون» من الرجال مختصون «بالخبيثات» من النساء، «والطيبات» منهن «للطيبين» منهم. «والطيبون» - أيضا- منهم «للطيبات» منهن.

وهكذا يألف الشكل شكله، والطيور على أشكالها تقع، وإذا كان النبي صلّى الله عليه وسلّم هو أطيب الطيبين، فلا يمكن أن تكون زوجاته صلّى الله عليه وسلّم وعلى رأسهن عائشة، إلا من أطيب الطيبات من النساء، وأطهر الطاهرات منهن.

ثم جاءت شهادة الله- تعالى- وهي تغنى عن كل شهادة- بما يثبت براءة عائشة-


(١) سورة فصلت الآية ٢٠، ٢١.
(٢) سورة يس الآية ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>