للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمراد بالآيات في قوله- تعالى- فَلَمَّا جاءَهُمْ مُوسى بِآياتِنا بَيِّناتٍ: العصا واليد.

وجمعهما تعظيم لشأنهما، ولاشتمال كل واحدة منهما على دلائل متعددة على صدق موسى- عليه السلام- فيما جاء به من عند ربه- تعالى-.

والمعنى: ووصل موسى إلى فرعون وقومه، ليأمرهم بعبادة الله وحده، فلما جاءهم بالمعجزات التي أيدناه بها، والتي تدل على صدقه دلالة واضحة.

قالُوا له على سبيل التبجح والعناد ما هذا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرىً أى: قالوا له:

ما هذا الذي جئت به يا موسى إلا سحر أتيت به من عند نفسك.

ثم أكدوا قولهم الباطل هذا بآخر أشد منه بطلانا، فقالوا- كما حكى القرآن عنهم-:

وَما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ.

أى: وما سمعنا بهذا الذي جئتنا به يا موسى، من الدعوة إلى عبادة الله وحده ومن إخبارك لنا بأنك نبي.. ما سمعنا بشيء من هذا كائنا أو واقعا في عهد آبائنا الأولين وقولهم هذا يدل على إعراضهم عن الحق، وعكوفهم على ما ألفوه بدون تفكر أو تدبر وقد رد عليهم موسى ردا منطقيا حكيما، حكاه القرآن في قوله: وَقالَ مُوسى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جاءَ بِالْهُدى مِنْ عِنْدِهِ ...

أى: وقال موسى في رده على فرعون وملئه: ربي الذي خلقني وخلقكم، أعلم منى ومنكم بمن جاء بالهدى والحق من عنده، وسيحكم بيني وبينكم بحكمه العادل.

ولم يصرح موسى- عليه السلام- بأنه يريد نفسه، بالإتيان بالهداية لهم من عند الله- تعالى- ليكفكف من عنادهم وغرورهم، وليرخى لهم حبل المناقشة، حتى يخرس ألسنتهم عن طريق المعجزات التي أيده الله- تعالى- بها.

وقوله: وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ معطوف على ما قبله.

أى: وربي- أيضا- أعلم منى ومنكم بمنى تكون له النهاية الحسنة، والعاقبة الحميدة.

قال الآلوسي: وقوله: وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ وهي الدنيا، وعاقبتها أن يختم للإنسان بها، بما يفضى به إلى الجنة بفضل الله- تعالى- وكرمه. «١»


(١) تفسير الآلوسى ج ٢٠ ص ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>