للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفعل أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم مثل ما فعلت عائشة «١» .

وقال الإمام ابن كثير- بعد أن ساق جملة من الأحاديث في هذا المعنى وكان تحته يومئذ تسع نسوة، خمس من قريش: عائشة وحفصة، وأم حبيبة وسودة، وأم سلمة.

وأربع من غير قريش- وهن: صفية بنت حيي النضرية، وميمونة بنت الحارث الهلالية، وزينب بنت جحش الأسدية، وجويرية بنت الحارث المصطلقيّة- رضى الله عنهن.

وقال الإمام الآلوسى: فلما خيرهن واخترن الله ورسوله والدار الآخرة، مدحهن الله- تعالى- على ذلك، إذ قال- سبحانه-: لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ.. فقصره الله- تعالى- عليهن، وهن التسع اللاتي اخترن الله ورسوله والدار الآخرة» «٢» .

والمعنى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ اللائي في عصمتك إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها.

أى: إن كنتن تردن سعة الحياة الدنيا وبهجتها وزخارفها ومتعها من مأكل ومشرب وملبس، فوق ما أنتن فيه عندي من معيشة مقصورة على ضروريات الحياة، وقائمة على الزهد في زينتها.

إن كنتن تردن ذلك: فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا.

قال الجمل: وقوله: فَتَعالَيْنَ فعل أمر مبنى على السكون، ونون النسوة فاعل.

وأصل هذا الأمر أن يكون الآمر أعلى مكانا من المأمور، فيدعوه أن يرفع نفسه إليه، ثم كثر استعماله حتى صار معناه أقبل. وهو هنا كناية عن الاختيار والإرادة. والعلاقة هي أن المخبر يدنو إلى من يخبره «٣» .

وقوله: أُمَتِّعْكُنَّ مجزوم في جواب الأمر. والمتعة: ما يعطيه الرجل للمرأة التي طلقها، زيادة على الحقوق المقررة لها شرعا، وقد جعلها- سبحانه- حقا على المحسنين الذين يبغون رضا الله- تعالى- وحسن ثوابه.

وقوله وَأُسَرِّحْكُنَّ معطوف على ما قبله، والتسريح: إرسال الشيء، ومنه تسريح الشعر ليخلص بعضه من بعض. ويقال: سرح فلان الماشية، إذا أرسلها لترعى.


(١) تفسير القرطبي ج ١٤ ص ١٦٣.
(٢) تفسير الآلوسى ج ٢١ ص ١٨١.
(٣) حاشية الجمل ج ٣ ص ٤٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>