للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جحش: التي تولى الله- تعالى- تزويجها بنفسه، وكان ذلك في ذي القعدة من السنة الخامسة، في قول قتادة والواقديّ وغيرهما «١» .

والمراد ببيوت النبي: المساكن التي أعدها صلّى الله عليه وسلّم لسكنى أزواجه.

والاستثناء في قوله- تعالى-: إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ استثناء مفرغ من أعم الأحوال.

وقوله: غَيْرَ ناظِرِينَ. حال من ضمير تَدْخُلُوا وإِناهُ أى: نضجه وبلوغه الحد الذي يؤكل معه. يقال: أنى الطعام يأنى أنيا وإنى- كقلى يقلى- إذا نضج وكان معدا للأكل.

والمعنى: يا من آمنتم بالله- تعالى- حق الإيمان، لا تدخلوا بيوت النبي صلّى الله عليه وسلّم في حال من الأحوال، إلا في حال الإذن لكم بدخولها من أجل حضور طعام تدعون إلى تناوله، وليكن حضوركم في الوقت المناسب لتناوله، لا قبل ذلك بأن تدخلوا قبل إعداده بفترة طويلة، منتظرين نضجه وتقديمه إليكم للأكل منه.

قالوا: وكان من عادة بعضهم في الجاهلية أنهم يلجون البيوت بدون استئذان، فإذا وجدوا طعاما يعد، انتظروا حتى ينضج ليأكلوا منه.

فالنهي في الآية الكريمة مخصوص بمن دخل من غير دعوة، وبمن دخل بدعوة ولكنه مكث منتظرا للطعام حتى ينضج، دون أن تكون هناك حاجة لهذا الانتظار. أما إذا كان الدخول بدعوة أو لحضور طعام بدون انتظار مقصود لوقت نضجه، فلا يتناوله النهى.

قال الآلوسى: والآية على ما ذهب إليه جمع من المفسرين، خطاب لقوم كانوا يتحينون طعام النبي صلّى الله عليه وسلّم فيدخلون ويقعدون منتظرين لإدراكه، فهي مخصوصة بهم وبأمثالهم ممن يفعل مثل فعلهم في المستقبل. فالنهي مخصوص بمن دخل بغير دعوة، وجلس منتظرا للطعام من غير حاجة فلا تفيد النهى عن الدخول بإذن لغير طعام، ولا من الجلوس واللبث بعد الطعام لمهم آخر «٢» .

وقوله- سبحانه- وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا استدراك على ما فهم من النهى عن الدخول بغير إذن، وفيه إشعار بأن الإذن متضمن معنى الدعوة.

أى: لا تدخلوا بدون إذن، فإذا أذن لكم ودعيتم إلى الطعام فادخلوا لتناوله وقوله


(١) راجع تفسير ابن كثير ج ٦ ص ٤٤٠- طبعة دار الشعب.
(٢) تفسير الآلوسى ج ٢٢ ص ٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>