للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْعِلْمَ ماذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ.

٥- ثم صورت السورة الكريمة ما جبل عليه هؤلاء المنافقون من جبن وهلع، وكيف أنهم عند ما يدعون إلى القتال يصابون بالفزع الخالع.

قال- سبحانه- وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ، فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ، رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلى لَهُمْ. طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ، فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ.

٦- وبعد أن بينت السورة الكريمة أن نفاق المنافقين كان بسبب استحواذ الشيطان عليهم، وتوعدتهم بسوء المصير في حياتهم وبعد مماتهم.

بعد كل ذلك أخبرت النبي صلّى الله عليه وسلّم بأوصافهم الذميمة، فقال- تعالى-: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ. وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ، فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ، وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ.

٧- ثم عادت السورة إلى الحديث عن الكافرين وعن المؤمنين، فتوعدت الكافرين بحبوط أعمالهم. وأمرت المؤمنين بطاعة الله ورسوله. ونهتهم عن اليأس والقنوط، وبشرتهم بالنصر والظفر، وحذرتهم من البخل، ودعتهم إلى الإنفاق في سبيل الله.

قال- تعالى-: ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ، وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ. ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ.

٨- هذا والمتدبر في هذه السورة الكريمة- بعد هذا العرض الإجمالى لها- يراها تهتم بقضايا من أهمها ما يأتى:

(أ) تشجيع المؤمنين على الجهاد في سبيل الله- تعالى-: وعلى ضرب رقاب الكافرين، وأخذهم أسرى، وكسر شوكتهم، وإذلال نفوسهم.. كل ذلك بأسلوب قد اشتمل على أسمى ألوان التحضيض على القتال.

نرى ذلك في قوله- تعالى-: فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ. حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ، فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها.

وفي قوله- تعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ.

(ب) بيان سوء عاقبة الكافرين في الدنيا والآخرة، ودعوتهم إلى الدخول في الدين الحق، وإبراز الأسباب التي حملتهم على الجحود والعناد.

<<  <  ج: ص:  >  >>