للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال- تعالى-: أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ، كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها، وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ. وَالْأَرْضَ مَدَدْناها، وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ، وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ، تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ.

٤- ثم تذكرهم- أيضا- بسوء عاقبة المكذبين من قبلهم، كقوم نوح وعاد وثمود، وقوم فرعون وإخوان لوط وأصحاب الأيكة..

ثم تتبع ذلك بتذكيرهم بعلم الله- تعالى- الشامل لكل شيء، وبسكرات الموت وما يتبعها من بعث وحساب، وثواب وعقاب..

قال- تعالى-: وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ، ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ. وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ، وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ. لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا، فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ، فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ.

٥- ثم تختتم السورة الكريمة، بتسلية الرسول صلّى الله عليه وسلّم عما أصابه من قومه، وترشده إلى العلاج الذي يعينه على مداومة الصبر، كما تحكى له أحوالهم يوم القيامة ليزداد يقينا على يقينه، وتأمره بالمواظبة على تبليغهم، بما أمره الله- تعالى- بتبليغه.

لنستمع إلى قوله- تعالى-: فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ. وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ. وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ، يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ، ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ. إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ. يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ. نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ، فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ.

وهكذا تطوف بنا السورة الكريمة في أعماق هذا الكون، وفي أعماق النفس الإنسانية، منذ ولادتها، إلى بعثها، إلى حسابها، إلى جزائها.. وذلك كله بأسلوب مؤثر بديع، يشهد بأن هذا القرآن من عند الله، ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..

القاهرة- مدينة نصر ٦ من جمادى الأولى ١٤٠٦ هـ- ١٧/ ١/ ١٩٨٦ م د. محمد سيد طنطاوى

<<  <  ج: ص:  >  >>