للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الأحاديث ما رواه البزار عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب أصحابه ذات يوم، وقد كادت الشمس أن تغرب.. فقال: «والذي نفسي بيده ما بقي من الدنيا فيما مضى منها، إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه» .

وروى الشيخان عن سهل بن سعد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «بعثت أنا والساعة هكذا» وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى.. «١» .

وشبيه بهذا الافتتاح قوله- تعالى-: في مطلع سورة الأنبياء: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ.

وقوله- سبحانه- في افتتاح سورة النحل: أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ، سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ.

والمقصود من هذا الافتتاح المتحدث عن قرب يوم القيامة، تذكير الناس بأهوال هذا اليوم، وحضهم على حسن الاستعداد لاستقباله عن طريق الإيمان والعمل الصالح.

وقوله- تعالى-: وَانْشَقَّ الْقَمَرُ معطوف على ما قبله عطف جملة على جملة.

وقوله: وَانْشَقَّ من الانشقاق بمعنى الافتراق والانفصال.

أى: اقترب وقت قيام الساعة، وانفصل وانفلق القمر بعضه عن بعض فلقتين، معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك بمكة قبل هجرته صلى الله عليه وسلم بنحو خمس سنين، وقد رأى هذا الانشقاق كثير من الناس..

وقد ذكر المفسرون كثيرا من الأحاديث في هذا الشأن، وقد بلغت الأحاديث مبلغ التواتر المعنوي..

قال الإمام ابن كثير: وهذا أمر متفق عليه بين العلماء- أى: انشقاق القمر-، فقد وقع في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وأنه كان إحدى المعجزات الباهرات.

ثم ذكر- رحمه الله- جملة من الأحاديث التي وردت في ذلك، ومنها ما رواه الشيخان عن أنس بن مالك قال: سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم آية، فانشق القمر بمكة مرتين، فقال:

اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ.

وأخرج الإمام أحمد عن جبير بن مطعم عن أبيه قال: انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصار فلقتين: فلقة على هذا الجبل وفلقة على هذا الجبل. فقالوا: سحرنا محمد،


(١) تفسير ابن كثير ج ٤ ص ٢٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>