للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اختير الافتتاح بالظرف المتضمن معنى الشرط، لأنه ينبه الأذهان ويحرك النفوس لترقب الجواب.

والواقعة من أسماء القيامة كالقارعة، والحاقة، والآزفة..

قال الجمل: وفي إِذا هنا أوجه: أحدها: أنها ظرف محض، ليس فيها معنى الشرط، والعامل فيها ليس، من حيث ما فيها من معنى النفي، كأنه قيل: ينتفى التكذيب بوقوعها إذا وقعت.

والثاني: أن العامل فيها اذكر مقدرا. الثالث: أنها شرطية وجوابها مقدر، أى: إذا وقعت الواقعة كان، كيت وكيت، وهو العامل فيها.. «١» .

وقال بعض العلماء: والذي يظهر لي صوابه، أن إذا هنا: هي الظرفية المتضمنة معنى الشرط، وأن قوله الآتي: إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا بدل من قوله: إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ وأن الجواب إذا هو قوله: فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ....

وعليه فالمعنى: إذا قامت القيامة، وحصلت هذه الأحوال العظيمة، ظهرت منزلة أصحاب الميمنة، وأصحاب المشأمة.. «٢» .

وقوله- تعالى-: لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ مؤكد لما قبله، من أن وقوع يوم القيامة حق لا ريب فيه.

وكاذبة: صفة لموصوف محذوف، وهي اسم فاعل بمعنى المصدر..

أى: عند ما تقع القيامة، لا تكذبها نفس من النفوس التي كانت تجحدها في الدنيا، بل كل نفس حينئذ تكون مصدقة لها.

قال القرطبي: قوله: لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ. الكاذبة مصدر بمعنى الكذب، والعرب قد تضع الفاعل والمفعول موضع المصدر، كقوله- تعالى-: لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً أى:

لغو..

أى: ليس لقيام القيامة كذب ولا تخلف، بل هي واقعة يقينا..

أو الكاذبة صفة والموصوف محذوف، أى: ليس لوقعتها حال كاذبة أو نفس كاذبة.. «٣»


(١) راجع حاشية الجمل على الجلالين ج ٤ ص ٢٧٠.
(٢) راجع أضواء البيان ج ٧ ص ٧٦١ للشيخ الشنقيطى- رحمه الله.
(٣) تفسير القرطبي ج ١٧ ص ١٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>