للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْواحِدِ الْقَهَّارِ

«١» .

وانشقاق السماء قد ورد في آيات متعددة منها قوله- تعالى-: وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ.

وقوله- سبحانه-: فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ.

ومعنى «أذنت» : استمعت. يقال: أذن له، بمعنى استمع له بإصغاء تام- وبابه طرب- وفي الحديث الصحيح: «ما أذن الله لشيء إذنه لنبي يتغنى بالقرآن» ، وقال الشاعر:

صمّ إذا سمعوا خيرا ذكرت به ... وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا

وجملة «وحقت» معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه. أى: جعلت حقيقة وجديرة بالاستماع والانقياد لما يريده الله- تعالى- منها، من قولهم فلان محقوق بكذا، وحق له أن يفعل كذا، أى: وجب عليه ذلك وجوبا لا انفكاك له عنه.

وجواب الشرط «إذا» وما عطف عليه محذوف، والتقدير: إذا السماء تصدعت واختل نظامها، واستمعت لأمر ربها استماعا تاما، وانقادت لحكمه انقياد العبد لسيده، وجعلت حقيقة وجديرة بالانقياد والاستماع والطاعة في جميع الأحوال.

وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ أى: بسطت وتساوت بحيث صارت في مستوى واحد، بدون ارتفاع في جانب أو انخفاض في آخر، كما قال- تعالى-: لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً.

وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ أى: وطرحت ما بداخلها من أجساد ومن كنوز، ومن غيرهما، وخلت من ذلك خلوا تاما.

وقوله وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ تأكيد لقدرته- تعالى- ونفاذ أمره. أى: واستمعت الأرض كما استمعت السماء لأمر ربها، وحق لها أن تستمع وأن تنقاد لحكمه- تعالى- لأنها خاضعة خضوعا تاما، لقضائه وأمره.

إذا حدث كل ذلك.. قامت الساعة، ووجد كل إنسان جزاءه عند ربه- سبحانه-.

قال صاحب الكشاف: حذف جواب «إذا» ليذهب المقدر كل مذهب. أو اكتفاء بما علم في مثلها من سورتي التكوير والانفطار. وقيل: جوابها ما دل عليه قوله: فَمُلاقِيهِ أى: إذا السماء انشقت لاقى الإنسان كدحه.


(١) سورة إبراهيم الآية ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>