للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفاء في قوله: فَأَمَّا الْإِنْسانُ ... للتفريع على ما تقدم، ولترتيب ما بعدها على ما قبلها.

والمراد بالإنسان هنا: جنسه. وقيل المراد به الكافر. ولفظ «الإنسان» مبتدأ، وخبره:

فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ.

والمعنى: هذه سنة ربك- أيها العاقل- في عباده، أنه- تعالى- لهم بالمرصاد، فهو يراقب أعمالهم، ويحاسبهم عليها، ويجازيهم بها، والسعيد من الناس هو الذي يفقه هذه الحقيقة، فيؤدى ما كلفه خالقه به ... فأما الإنسان، الشقي الغافل عن طاعة ربه..

إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ أى: إذا ما اختبره وامتحنه ربه بألوان من النعم، بأن منحه المال الكثير، والجاه العريض، وأسباب القوة والمنعة فَيَقُولُ على سبيل التباهي والتفاخر.. رَبِّي أَكْرَمَنِ أى: ربي أعطانى ذلك، لأنى مستحق لهذه النعم، كما قال- تعالى-: وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ، لَيَقُولَنَّ هذا لِي، وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً، وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى «١» .

وقوله- سبحانه-: وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ ... بيان لموقف هذا الإنسان عند فقره. أى: وأما إذا ما امتحنا هذا الإنسان بسلب بعض النعم عنه، وبضيق الرزق..

فَيَقُولُ على سبيل التضجر والتأفف وعدم الرضا بقضائه- سبحانه-: رَبِّي أَهانَنِ أى: ربي أذلنى بالفقر، وأنزل بي الهوان والشرور.


(١) سورة فصلت الآية ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>