للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْحَشْرِ إِلَيْهِ وَعِيدٌ إِذِ. الْمَعْنِيُّ بِهِ الْجَمْعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَيْثُ يُذَلُّ الْمُسْتَنْكِفُ الْمُسْتَكْبِرُ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ: بِالنُّونِ بَدَلَ الْيَاءِ فِي فَسَيَحْشُرُهُمْ، وَبَاءُ فَيُعَذِّبُهُمْ عَلَى التَّخْفِيفِ.

[سورة النساء (٤) : الآيات ١٧٣ الى ١٧٦]

فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (١٧٣) يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (١٧٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً (١٧٥) يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٧٦)

فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ أَيْ لَا يَبْخَسُ أَحَدًا قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا، وَالزِّيَادَةُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي أَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرٍ إِلَى سَبْعِمِائَةٍ، وَالتَّضْعِيفُ الَّذِي لَيْسَ بِمَحْصُورٍ فِي قَوْلِهِ: وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ «١» قَالَ مَعْنَاهُ ابْنِ عَطِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً هَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ لِلَّذِينِ يَتْرُكُونَ عِبَادَةَ اللَّهِ أَنَفَةً تَكَبُّرًا. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا الِاسْتِنْكَافُ إِنَّمَا يَكُونُ مِنَ الْكُفَّارِ عَنِ اتِّبَاعِ الْأَنْبِيَاءِ وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ كَفِعْلِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ وَأَخِيهِ أَبِي يَاسِرٍ وَأَبِي جَهْلٍ وَغَيْرِهِمْ بِالرَّسُولِ، فَإِذَا فَرَضْتَ أَحَدًا مِنَ الْبَشَرِ عَرَفَ اللَّهَ فَمُحَالٌ أَنْ تَجِدَهُ يَكْفُرُ بِهِ تَكَبُّرًا عَلَيْهِ، وَالْعِنَادُ إِنَّمَا يَسُوقُ إِلَيْهِ الِاسْتِكْبَارُ عَلَى الْبَشَرِ، وَمَعَ تَفَاوُتِ الْمَنَازِلِ فِي ظَنِّ الْمُسْتَكْبِرِ انْتَهَى. وَقَدَّمَ ذِكْرَ ثَوَابِ الْمُؤْمِنِ لِأَنَّ الْإِحْسَانَ إِلَيْهِ مِمَّا يَعُمُّ.


(١) سورة البقرة: ٢/ ٢٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>