للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ. الْهَوَاءُ: مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَهُوَ الْخَلَاءُ الَّذِي لَمْ تَشْغَلُهُ الْأَجْرَامُ الْكَثِيفَةُ، وَاسْتُعِيرَ لِلْجَبَانِ فَقِيلَ: قَلْبُ فُلَانٍ هَوَاءٌ. وَقَالَ الشاعر:

كأن الرحل مِنْهَا فَوْقَ صَعْلٍ ... مِنَ الظُّلُمَاتِ جُؤْجُؤُهُ هَوَاءُ

الْمُقَرَّنُ: الْمَشْدُودُ فِي الْقَرْنِ، وَهُوَ الْحَبْلُ. الصَّفَدُ: الْغُلُّ، وَالْقَيْدُ يُقَالُ: صَفَدَهُ صَفْدًا قَيَّدَهُ، وَالِاسْمُ الصَّفْدُ، وَفِي التَّكْثِيرِ صَفَّدَهُ مُشَدَّدًا. قَالَ الشَّاعِرُ:

وَأَبْقَى بِالْمُلُوكِ مُصْفِدِينَا وَأَصْفَدْتُهُ: أَعْطَيْتُهُ. وَقِيلَ: صَفَّدَ وَأَصْفَدَ مَعًا فِي الْقَيْدِ وَالْإِعْطَاءِ. قَالَ الشَّاعِرُ:

فلم أَعْرِضْ أَبَيْتُ اللَّعْنَ بِالصَّفَدِ أَيْ: بِالْعَطَاءِ. وَسُمِّيَ الْعَطَاءُ صَفَدًا لأنه يقيده وَيُعْبَدُ. السِّرْبَالُ: الْقَمِيصُ، يُقَالُ: سَرْبَلْتُهُ فَتَسَرْبَلَ. الْقَطِرَانُ: مَا يُحْلَبُ مِنْ شَجَرِ الْأَبْهَلِ فَيُطْبَخُ، وَتَهْنَأُ بِهِ الْإِبِلُ الْجَرْبَى، فَيُحْرَقُ الْجَرَبُ بِحَرِّهِ وَحِدَّتِهِ، وَهُوَ أَقْبَلُ الْأَشْيَاءِ اشْتِعَالًا، وَيُقَالُ فِيهِ قَطْرَانٌ بِوَزْنِ سَكْرَانَ، وَقِطْرَانٌ بِوَزْنِ سِرْحَانٍ.

وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ. رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ: مُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ التَّعْجِيبَ مِنَ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا، وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَهُمْ قُرَيْشٌ وَمَنْ تَابَعَهُمْ مِنَ الْعَرَبِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَكَانَ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ إِسْكَانُهُ إِيَّاهُمْ حَرَمَهُ، أَرْدَفَ ذَلِكَ بِذِكْرِ أَصْلِهِمْ إِبْرَاهِيمَ، وَأَنَّهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ دَعَا اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَ مَكَّةَ آمِنَةً، وَدَعَا بِأَنْ يُجَنِّبَ بَنِيهِ عِبَادَةَ الْأَصْنَامِ، وَأَنَّهُ أَسْكَنَهُ وَذُرِّيَّتَهُ فِي بَيْتِهِ لِيَعْبُدُوهُ وَحْدَهُ بِالْعِبَادَةِ الَّتِي هِيَ أَشْرَفُ الْعِبَادَةِ وَهِيَ الصَّلَاةُ، لِيَنْظُرُوا فِي دِينِ أَبِيهِمْ، وَأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا ارْتَكَبُوهُ مِنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ، فَيَزْدَجِرُوا وَيَرْجِعُوا عَنْهَا. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ هُنَا هَذَا الْبَلَدُ مُعَرَّفًا، وَفِي الْبَقَرَةِ مُنْكَرًا «١» .

وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هُنَا سَأَلَ فِي الْأَوَّلِ أَنْ يَجْعَلَهُ مِنْ جُمْلَةِ الْبِلَادِ الَّتِي يَأْمَنُ أَهْلُهَا وَلَا يَخَافُونَ، وَفِي الثَّانِي أَنْ يخرجه مِنْ صِفَةٍ كَانَ عَلَيْهَا مِنَ الْخَوْفِ إِلَى ضِدِّهَا مِنَ الْأَمْنِ، كَأَنَّهُ قَالَ: هُوَ بَلَدٌ مَخُوفٌ، فَاجْعَلْهُ آمِنًا انْتَهَى. وَدَعَا إِبْرَاهِيمُ أَوَّلًا بِمَا هُوَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى،


(١) سورة البقرة: ٢/ ١٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>