للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَقِيلَةُ حَيٍّ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ ... كِرَامِ الْمَسَاعِي مَجْدُهَا غَيْرُ زَائِلِ

مُهَذَّبَةٌ قَدْ طَيَّبَ اللَّهُ خِيمَهَا ... وَطَهَّرَهَا مِنْ كُلِّ شَيْنٍ وَبَاطِلِ

فَإِنْ كَانَ مَا بُلِّغْتِ عَنِّيَ قُلْتُهُ ... فَلَا رَفَعَتْ سَوْطِي إِلَيَّ أَنَامِلِي

وَكَيْفَ وَوِدِّي مَا حَيِيتُ وَنُصْرَتِي ... بِآلِ رَسُولِ اللَّهِ زَيْنِ الْمَحَافِلِ

لَهُ رُتَبٌ عَالٍ عَلَى النَّاسِ فَضْلُهَا ... تَقَاصَرُ عَنْهَا سَوْرَةُ الْمُتَطَاوِلِ

وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ حُدَّ حَسَّانُ وَمِسْطَحٌ وَحَمْنَةُ. قِيلَ: وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي وَقَدْ ذَكَرَهُ بَعْضُ شُعَرَاءِ ذَلِكَ الْعَصْرِ فِي شِعْرٍ. وَقِيلَ: لَمْ يُحَدَّ مِسْطَحٌ. وَقِيلَ: لَمْ يُحَدَّ عَبْدُ اللَّهِ. وَقِيلَ: لَمْ يُحَدَّ أَحَدٌ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ. فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً «١» وَقَابِلْ ذَلِكَ بِقَوْلِ: إِنَّمَا يُقَالُ الْحَدُّ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ، وَلَمْ يَتَقَيَّدْ بِإِقَامَتِهِ بِالْإِخْبَارِ كَمَا لَمْ يَتَقَيَّدْ بِقَتْلِ الْمُنَافِقِينَ، وَقَدْ أَخْبَرَ تَعَالَى بِكُفْرِهِمْ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ كِبْرَهُ بِكَسْرِ الْكَافِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَعَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالزُّهْرِيُّ وَأَبُو رَجَاءٍ وَمُجَاهِدٌ وَأَبُو الْبَرَهْسَمِ وَالْأَعْمَشُ وَحُمَيْدٌ وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَيَزِيدُ بْنُ قُطَيْبٍ وَيَعْقُوبُ وَالزَّعْفَرَانِيُّ وَابْنُ مِقْسَمٍ وَسَوْرَةُ عَنِ الْكِسَائِيِّ وَمَحْبُوبٌ عَنْ أَبِي عَمْرٍو بِضَمِّ الْكَافِ، وَالْكِبْرُ وَالْكُبْرُ مَصْدَرَانِ لِكَبُرَ الشَّيْءُ عَظُمَ لَكِنَّ اسْتِعْمَالَ الْعَرَبِ الضَّمَّ لَيْسَ فِي السِّنِّ. هَذَا كُبْرُ الْقَوْمِ أَيْ كَبِيرُهُمْ سِنًّا أَوْ مَكَانَةً.

وَفِي الْحَدِيثِ فِي قِصَّةِ حُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ: «الْكُبْرَ الْكُبْرَ» .

وَقِيلَ كِبْرَهُ بِالضَّمِّ مُعْظَمُهُ، وَبِالْكَسْرِ الْبُدَاءَةُ بِالْإِفْكِ. وَقِيلَ: بِالْكَسْرِ الْإِثْمُ.

لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ هَذَا تَحْرِيضٌ عَلَى ظَنِّ الْخَيْرِ وَزَجْرٌ وَأَدَبٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخِطَابَ لِلْمُؤْمِنِينَ حَاشَا مَنْ تَوَلَّى كِبْرَهُ. قِيلَ: وَيُحْتَمَلُ دُخُولُهُمْ فِي الْخِطَابِ وَفِيهِ عِتَابٌ، أَيْ كَانَ الْإِنْكَارُ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ، وَعَدَلَ بَعْدَ الْخِطَابِ إِلَى الْغَيْبَةِ وَعَنِ الضَّمِيرِ إِلَى الظَّاهِرِ فَلَمْ يَجِئِ التَّرْكِيبُ ظَنَنْتُمْ بِأَنْفُسِكُمْ خَيْراً وَقُلْتُمْ لِيُبَالِغَ فِي التَّوْبِيخِ بِطَرِيقَةِ الِالْتِفَاتِ وَلِيُصَرِّحَ بِلَفْظِ الْإِيمَانِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِيهِ مُقْتَضٍ أَنْ لَا يُصَدِّقَ مُؤْمِنٌ عَلَى أَخِيهِ قَوْلَ عَائِبٍ وَلَا طَاعِنٍ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ حَقَّ الْمُؤْمِنِ إِذَا سَمِعَ قَالَةً فِي أَخِيهِ أَنْ يَبْنِيَ الْأَمْرَ فِيهِ عَلَى ظَنِّ الْخَيْرِ، وَأَنْ يَقُولَ بِنَاءً عَلَى ظَنِّهِ هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ هَكَذَا بِاللَّفْظِ الصَّرِيحِ بِبَرَاءَةِ أَخِيهِ كَمَا يَقُولُ الْمُسْتَيْقِنُ الْمُطَّلِعُ عَلَى حَقِيقَةِ الْحَالِ. وَهَذَا مِنَ الْأَدَبِ الْحَسَنِ وَمَعْنَى بِأَنْفُسِهِمْ أَيْ كَأَنْ يَقِيسَ فُضَلَاءُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ هَذَا الْأَمْرَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَإِذَا كَانَ ذلك يبعد عليهم


(١) سورة النور: ٢٤/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>