للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمُرَادِفُهُ: أَنَاسِيُّ، جَمْعُ: إِنْسَانٍ أَوْ إِنْسِيٍّ. قَدْ قَالَتِ الْعَرَبُ: نَاسٌ مِنَ الْجِنِّ، حَكَاهُ ابْنُ خَالَوَيْهِ، وَهُوَ مَجَازٌ إِذْ أَصْلُهُ فِي بَنِي آدَمَ، وَمَادَّتُهُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْفَرَّاءِ: هَمْزَةٌ وَنُونٌ وَسِينٌ، وَحُذِفَتْ هَمْزَتُهُ شُذُوذًا، وَأَصْلُهُ أُنَاسٌ وَنُطِقَ بِهَذَا الْأَصْلِ، قَالَ تَعَالَى: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ «١» ، فَمَادَّتُهُ وَمَادَّةُ الْإِنْسِ وَاحِدَةٌ. وَذَهَبَ الْكِسَائِيُّ إِلَى أَنَّ مَادَّتَهُ نُونٌ وَوَاوٌ وَسِينٌ، وَوَزْنُهُ فَعَلَ مُشْتَقٌّ مِنَ النَّوَسِ وَهُوَ الْحَرَكَةُ، يُقَالُ: نَاسَ يَنُوسُ نَوَسًا إِذَا تَحَرَّكَ، وَالنَّوَسُ: تَذَبْذُبُ الشَّيْءِ فِي الْهَوَاءِ، وَمِنْهُ نَوَسَ الْقِرْطُ فِي الْأُذُنِ وَذَلِكَ لِكَثْرَةِ حَرَكَتِهِ. وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ مِنْ نَسِيَ، وَأَصْلُهُ نَسِيَ ثُمَّ قُلِبَ فَصَارَ نَيِسَ، تَحَرَّكَتِ الْيَاءُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا فَقُلِبَتْ أَلِفًا فَقِيلَ: نَاسٌ، ثُمَّ دَخَلَتِ الْأَلِفُ واللام. والكلام على هذا الْأَقْوَالِ مَذْكُورٌ فِي عِلْمِ التَّصْرِيفِ. مَنْ: مَوْصُولَةٌ، وَشَرْطِيَّةٌ، وَاسْتِفْهَامِيَّةٌ، وَنَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ، وَتَقَعُ عَلَى ذِي الْعِلْمِ، وَتَقَعُ أَيْضًا عَلَى غَيْرِ ذِي الْعِلْمِ إِذَا عُومِلَ مُعَامَلَةَ الْعَالِمِ، أَوِ اخْتَلَطَ بِهِ فِيمَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ أَوْ فِيمَا فُصِلَ بِهَا، وَلَا تَقَعُ عَلَى آحَادِ مَا لَا يَعْقِلُ مُطْلَقًا خِلَافًا لِزَاعِمِ ذَلِكَ. وَأَكْثَرُ لِسَانِ الْعَرَبِ أَنَّهَا لَا تَكُونُ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً إِلَّا فِي مَوْضِعٍ يَخْتَصُّ بِالنَّكِرَةِ، كَقَوْلِ سُوَيْدِ بْنِ أَبِي كَاهِلٍ:

رَبِّ مَنْ أَنْضَجْتَ غَيْظًا صَدْرَهُ ... لَوْ تَمَنَّى لِيَ مَوْتًا لَمْ يُطَعْ

وَيَقِلُّ اسْتِعْمَالُهَا فِي مَوْضِعٍ لَا يَخْتَصُّ بِالنَّكِرَةِ، نَحْوَ قَوْلِ الشَّاعِرِ:

فَكَفَى بِنَا فَضْلًا عَلَى مَنْ غَيْرَنَا ... حُبُّ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ إِيَّانَا

وَزَعَمَ الْكِسَائِيُّ أَنَّ الْعَرَبَ لَا تَسْتَعْمِلُ مِنْ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً إِلَّا بِشَرْطِ وُقُوعِهَا فِي مَوْضِعٍ لَا يَقَعُ فِيهِ إِلَّا النَّكِرَةَ، وَزَعَمَ هُوَ وَأَبُو الْحَسَنِ الْهُنَائِيُّ أَنَّهَا تَكُونُ زَائِدَةً، وَقَالَ الْجُمْهُورُ:

لَا تُزَادُ. وَتَقَعُ مِنْ عَلَى الْعَاقِلِ الْمَعْدُومِ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْهُ وُجُودٌ، تَتَوَهَّمُهُ، مَوْجُودًا خِلَافًا لِبِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ، وفاقا للقراء، وَصَحَّحَهُ أَصْحَابُنَا. فَأَمَّا قَوْلُ الْعَرَبِ: أَصْبَحْتَ كَمَنْ لَمْ يخلق فنزيد: كَمَنْ قَدْ مَاتَ، وَأَكْثَرُ الْمُعْرِبِينَ لِلْقُرْآنِ مَتَى صَلَحَ عِنْدَهُمْ تَقْدِيرُ مَا أَوْ مَنْ بِشَيْءٍ جَوَّزُوا فِيهَا أَنْ تَكُونَ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً، وَإِثْبَاتُ كَوْنِ مَا نَكِرَةً مَوْصُوفَةً يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ، وَلَا دَلِيلَ قَاطِعٌ فِي قَوْلِهِمْ: مَرَرْتُ بِمَا مُعْجِبٌ لَكَ لِإِمْكَانِ الزِّيَادَةِ، فَإِنِ اطَّرَدَ ذَلِكَ فِي الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، كَأَنْ سَرَّنِي مَا مُعْجِبٌ لَكَ وَأَحْبَبْتُ مَا مُعْجِبًا لَكَ، كَانَ فِي ذَلِكَ تَقْوِيَةٌ لِمَا دَعَى النَّحْوِيُّونَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ سُمِعَ لَأَمْكَنَتِ الزِّيَادَةُ أَيْضًا لِأَنَّهُمْ زَادُوا مَا بَيْنَ الْفِعْلِ ومرفوعه والفعل ومنصوبه. الزيادة أَمْرٌ ثَابِتٌ لِمَا، فَإِذَا أَمْكَنَ ذَلِكَ فِيهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى ذَلِكَ ولا


(١) سورة الإسراء: ١٧/ ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>