للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُبَيْدٍ، وَأَهْلُ الظَّاهِرِ: يُصَامُ عَنْهُ، وَخَصَّصُوهُ بِالنَّذْرِ. وَقَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ: يُطْعَمُ عَنْهُ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ.

وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ قَرَأَ الْجُمْهُورُ: يُطِيقُونَهُ مُضَارِعُ أَطَاقَ، وَقَرَأَ حُمَيْدٌ يُطْوِقُونَهُ مِنْ أَطْوَقَ، كَقَوْلِهِمْ أَطْوَلَ فِي أَطَالَ، وَهُوَ الْأَصْلُ. وَصِحَّةُ حَرْفِ الْعِلَّةِ فِي هَذَا النَّحْوِ شَاذَّةٌ مِنَ الْوَاوِ وَمِنَ الْيَاءِ، وَالْمَسْمُوعُ مِنْهُ: أَجْوَدُ، وَأَعْوَلُ، وَأَطْوَلُ. وَأَغْيَمَتِ السَّمَاءُ، وَأَخْيَلَتْ، وَأَغْيَلَتِ الْمَرْأَةُ وَأَطْيَبُ، وَقَدْ جَاءَ الْإِعْلَالُ فِي جَمِيعِهَا وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَالتَّصْحِيحُ كَمَا ذَكَرْنَا شَاذٌّ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ، إِلَّا أَبَا زَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ فَإِنَّهُ يَرَى التَّصْحِيحَ فِي ذَلِكَ مَقِيسًا اعْتِبَارًا بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ النَّزْرَةِ الْمَسْمُوعِ فِيهَا الاعتلال وَالنَّقْلُ عَلَى الْقِيَاسِ.

وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عباس فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ: يُطَوَّقُونَهُ، مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ مِنْ طَوَّقَ عَلَى وَزْنِ قَطَّعَ.

وَقَرَأَتْ عائشة، ومجاهد، وطاووس، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: يَطَّوَّقُونَهُ مِنَ اطَّوَّقَ، وَأَصْلُهُ تَطَوَّقَ عَلَى وَزْنِ تَفَعَّلَ، ثُمَّ أَدْغَمُوا التَّاءَ فِي الطَّاءِ، فَاجْتَلَبُوا فِي الْمَاضِي وَالْأَمْرِ هَمْزَةَ الْوَصْلِ. قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: هُوَ تَفْسِيرٌ لَا قِرَاءَةٌ، خِلَافًا لِمَنْ أَثْبَتَهَا قِرَاءَةً، وَالَّذِي قَالَهُ النَّاسُ خِلَافُ مَقَالَةِ هَذَا الْقَائِلِ، وَأَوْرَدَهَا قِرَاءَةً.

وَقَرَأَتْ فِرْقَةٌ، مِنْهُمْ عِكْرِمَةُ: يَطِيقُونَهُ، وَهِيَ مَرْوِيَّةٌ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَابْنِ عباس، وقرىء أَيْضًا هَكَذَا لَكِنْ بِضَمِّ يَاءِ الْمُضَارِعِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَرَدَّ بَعْضُهُمْ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ، وَقَالَ:

هِيَ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الطَّوْقِ. قَالُوا: وَلَازِمَةٌ فِيهِ، وَلَا مَدْخَلَ لِلْيَاءِ فِي هَذَا الْمِثَالِ.

وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: تَشْدِيدُ الْيَاءِ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ ضَعِيفٌ. انْتَهَى. وَإِنَّمَا ضَعُفَ هَذَا، أَوِ امْتَنَعَ عِنْدَ هَؤُلَاءِ، لِأَنَّهُمْ بَنَوْا عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ عَلَى وَزْنِ تَفَعَّلَ، فَأَشْكَلَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَلَيْسَ كَمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ، بَلْ هُوَ عَلَى وَزْنِ: تَفْعِيلٌ مِنَ الطَّوْقِ، كَقَوْلِهِمْ: تُدِيرُ الْمَكَانَ وَمَا بِهَا دَيَّارُ، فَأَصْلُهُ: تُطْيِوْقُونَ، اجْتَمَعَتْ يَاءٌ وَوَاوٌ، وَسُبِقَتْ إِحْدَاهُمَا بِالسُّكُونِ، فَأُبْدِلَتِ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ فِيهَا الْيَاءُ، فَقِيلَ: تَطَيَّقَ يَتَطَيَّقُ، فَهَذَا تَوْجِيهُ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ وَهُوَ تَوْجِيهٌ نَحْوِيٌّ وَاضِحٌ.

فَهَذِهِ ست قرآت يَرْجِعُ مَعْنَاهَا إِلَى الِاسْتِطَاعَةِ وَالْقُدْرَةِ، فَالْمَبْنِيُّ مِنْهَا لِلْفَاعِلِ ظَاهِرٌ، وَالْمَبْنِيُّ مِنْهَا لِلْمَفْعُولِ مَعْنَاهُ: يُجْعَلُ مُطِيقًا لِذَلِكَ، وَيَحْتَمِلُ قِرَاءَةُ تَشْدِيدِ الْوَاوِ وَالْيَاءِ أَنْ يَكُونَ لِمَعْنَى التَّكْلِيفِ، أَيْ: يَتَكَلَّفُونَهُ أَوْ يُكَلَّفُونَهُ، وَمَجَازُهُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الطَّوْقِ بِمَعْنَى الْقِلَادَةِ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: مُقَلَّدُونَ ذَلِكَ، أَيْ: يُجْعَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ، وَيَكُونُ كِنَايَةً عَنِ التَّكْلِيفِ، أَيْ: يَشُقُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>