للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه ملائكة السموات، وقالوا: ربنا عبدك إبراهيم يحرق فيك. فقال لهم: إن استغاث بكم فأغيثوه. فلما رمي في المنجنيق، قال: حسبي الله ونعم الوكيل. فرمي به بالمنجنيق في الهواء، فجعل يهوي نحو النار. فقال جبريل عليه السلام: يا رب، عبدك إبراهيم يحرق فيك، قال الله تعالى: إِنَّ استغاث بك فأَغِثْهُ. فأتاه جبريل وهو يهوي نحو النار، فقال: أتطلب النجاة؟ فقال:

أما منك فلا، قال: أفلا تسأل الله عز وجل أن ينجيك منها؟ فقال إبراهيم: حسبي من سؤالي علمه بحالي. فلما أخلص قلبه لله تعالى، فعند ذلك قال الله تعالى: قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ، يعني: سلميه من حرّك وبردك.

وقال عكرمة رحمه الله: بردت نار الدنيا كلها يومئذ، فلم ينتفع بها أحد من أهلها. وقال كعب: «ما أحرقت النار من إبراهيم غير وثاقه» ، وقال قتادة: إن الخطاف كان تطفئ النار بأجنحته، وكانت الوزغة تنفخ. وروت عائشة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «اقْتُلُوا الوَزَغَةَ، فَإنَّهَا كَانَتْ تَنْفُخُ عَلَى إبْرَاهِيمَ» وكانت عائشة تقتلهن، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله:

بَرْداً وَسَلاماً لو لم يقل وَسَلاماً لأهلكه البرد» وكذلك قال ابن عباس. فضمه جبريل بجناحه ووضعه على الأرض، وضرب جناحه على الأرض، فأظهر الماء واخضرت الأرض.

فلما كان في اليوم الثالث، خرج النمرود مع جيشه وأَشْرَفَ على موضع مرتفع لينظر إلى النار، فرأى في وسط ذلك الموضع ماء وخضرة، ورأى هناك شخصين والنار حواليهما، فقال: إنا قد رمينا إنساناً واحداً، فما لي أرى فيها نفسين؟ فرجع متحيراً.

قال الله تعالى: وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً، يعني: حرقاً، فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ يعني:

الأذلين الأسفلين، وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ يعني: إلى الأرض المقدسة، فخرج إبراهيم عليه السلام من ذلك الموضع وقال للوط عليه السلام: إِنّى أُرِيدُ أَنْ أهاجر، فصدقه واتبعه، فخرجا إلى بيت المقدس، ويقال إلى الشام الَّتِي بارَكْنا فِيها بالماء والثمار للناس.

[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٧٢ الى ٧٣]

وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنا صالِحِينَ (٧٢) وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ (٧٣)

. قوله عز وجل: وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ، يعني: الولد. وَيَعْقُوبَ نافِلَةً، يعني: زيادة.

وذلك أنه سأل الله تعالى الولد، فأعطاه الله تعالى الولد وهو إسحاق عليه السلام، وولد الولد فضله على مسألته وهو يعقوب عليه السلام ويقال: نافِلَةً أي: غنيمة. وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ، يعني: أكرمناهم بالإسلام. وقال الكلبي: كان لوط ابن أخي إبراهيم، فكان لوط بن هازر بن آزر وإبراهيم بن آزر وهو عم لوط. وقال بعضهم: كان لوط ابن عمه، وكانت سارة أخت لوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>